إنا لله وإنا إليه راجعون، هكذا بدأ الحديث عندما تصفحت مواقع التواصل الاجتماعي في صباح يوم السبت .
بصرخة تعلو من الروح وعقل يعود ويعود إلى سنوات ماضية، كيف ينعى الطالب معلمه سؤال تبادر في ذهني وأخذ يصارع في رأسي..
ليست مسألة فقد أو علاقة هناك لحظات يقف فيها الانسان عاجزا عن رد الاحسان والمواقف التي جعلت منه انسانا آخر، نعم أقولها وأنا أعرف جيدا ماذا تعني هذه الكلمة، عندما ينجح التلاميذ ليس فخرا له وإنما يعود لمن سار به ورسم له الطريق .
عادت ذاكرتي الهاوية إلى سنوات الهجرة وكيف دخلت الحوزة الزينبية في سوريا في وقتها كان عمري صغير جدا لا يسمح بدراسة الحوزة كمنهج دراسي ولكن يسمح بدورات صيفية، تركت الدراسة الأكاديمية والتحقت بالحوزة الزينبية والادارة في وقتها رفضت لكوني صغيرة ومنهاج الدراسة يصعب في هذا العمر ..
أتذكر في وقتها قالت الأستاذة الراحلة: ستكون تجربة إن نجحت تنجح الحوزة، ولّد كلامها دافعا واصرارا قويا جدا وأن أنجح في الدراسة وأنهيت المرحلة الأولى والثانية..
قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» نعم كانت تعلم دروس الفقة وشرح المسائل الفقهية للنساء بطريقة سهلة ومبسطة .
«طلب العلم فريضة على كل مسلم».
أيضا الدروس العقائدية في المرحلة الأولى؛ العقائد الاسلامي . اضافة إلى دروس منية المريد .
وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي «لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير من أن يكون لك حمر النعم» .
شجعت الكثير من الفتيات في الدخول إلى الحوزة العلمية في سوريا والتعليم بطريقة كلامها وشرحها الذي طالما كان محور الحديث في الساحة الدينية .
ثمَّ العودة إلى أحضان كربلاء والعمل قرب سيد الشهداء وايصال رسالة الحسين في ضمن عملاه في الادارة .
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «العالم أعظم أجراً من الصائم القائم المجاهد في سبيل الله، أي فإذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها إلا خلف منه».
موقف آخر كانت كثيرا ما تحدثني بهدوء وتحاول أن تعلمني بعض الخصال التي زرعتها في كل من تراه.
فكانت مصداق لقوله: "ألا فَاغتَنِموا مَجالِسَ العُلَماءِ، فَإِنَّها رَوضَةٌ مِن رِياضِ الجَنَّةِ، تَنزِلُ عَلَيهِمُ الرَّحمَةُ والمَغفِرَةُ، كَالمَطَرِ" .
وفي رواية السيد الطبرسي التي تدل على مكانة العالم في يوم القيامة وأنه يضع على رأسه تيجان من النور يضيئ للمهتدين ويحرق للكافرين.
فقد قال الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام): من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم الذي حبوناه به جاء يوم القيامة على رأسه تاج من نور يضئ لجميع أهل العرصات، وحلة لا تقوم لأقل سلك منها الدنيا بحذافيرها، ثم ينادي مناد "يا عباد الله هذا عالم من تلامذة بعض علماء آل محمد، ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله فليتشبث بنوره ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزهة الجنان، فيخرج كل من كان علمه في الدنيا خيرا، أو فتح عن قلبه من الجهل قفلا، أو أوضح له عن شبهة.
إن التلميذ يتأثر بجاذبية المعلم خاصة في الأعوام الدراسية الأولى، فيستفيد من سلوكه ونمط حياته وكيفية تعامله وأسلوبه في الكلام.
وبعد سنوات من التدريس ومتابعة أمور القضية الحسينية من احياء ومساعدة الآخرين وايصال رسالة العلم هذه الرسالة الخالدة، التي لا يحملها إلا من تطهرت نفسه، وعلت همته، ولا يتلقاها إلا ذو حظ عظيم .
ونحن اليوم نودع شخصية نسوية فعلت كل ما ذكرت من دون اعلام فقط كانت (اللهم اجعلني قدم صدق عندك مع الحسين وأصحاب الحسين) حتى حان موعد الرحيل والالتحاق مع العلماء الذين رحلوا فتركوا لنا أثرا طيبا لا يمحى في ذاكرة العلوم الدينية فكانت نموذجا للمرأة المعلمة والأم المربية الأستاذة الفاضلة الخادمة أم حيدر معاش أقف وأعود إلى حيث أول كلمة نطقت بها عند سماع الخبر كيف ينعى الطالب معلمه .
اضافةتعليق
التعليقات