سألت رفيقة لي تحمل طفلاً لم تمض على ولادته سوى بضعة أيام..
_ ماذا تصنعين بهذا الطفل الصغير؟
فقالت لي بكل تؤدة وأناة.
- أي شيء في هذه الحياة أحلى وأجمل من أن تبني منزلاً فخماً أنيقاً يعجب به جميع من يسعدهم الحظ أن يأووا إليه بل أي شيء في الحياة أبدع وأبهى وأطيب من زرع يزرعه الانسان ثم يراه شجرة وارفة الظل يستملح الناس رؤيتها ويحبون ظلالها ويستمرئون فاكهتها.
والمرأة عندما تضع طفلها إلى عالم الوجود تضع جيلاً جديداً من العالم إذ يؤلف هو والذين ولدوا في البرهة المرافقة لمولده حلقة من السلسلة الكبرى التي من مجموع حلقاتها يتكون هذا الشعب العظيم.
فحري بالأم أن تنظر جيداً كيف تصيغ هذه الحلقة وكيف تطبخها وتهندسها لتكون حلقة ممتازة على رفيقاتها ولتكون بارزة الجمال والرونق على بقية الحلقات،
فإذا كلفنا فريقاً من السيدات أن يهيئن لنا نوعاً من الطعام ألا تهتم كل واحدة منهن لأن يكون الطبق الذي تصنعه أجمل الأطباق منظراً وأشهاها طعما وأدقها صنعاً!
أليس الولد أثمن من طبق الطعام؟
وإذا كان طبق الطعام يلذ لفريق من الرجال تتعب له المرأة هذا التعب كله ألا يجدر بها أن تتعب وتجهد وتنصب في تربية ولد يصبح يوماً ملء نظر الأمة كلها بل ربما أصبح ملء نظر العالم بأسره.
العظماء على طول التاريخ بأسمائهم الكثيرة والمتنوعة.. من كان يعرفهم في أول نشأتهم؟ ومن درى بهم حين ولدتهم أمهاتهم وحين كانوا صغاراً يلعبون مع الأولاد في ساحات قراهم أو الحي الذي عاشوا فيه؟ إنما صار هؤلاء من الرجال العظيمة في تاريخ الكون والذي لا يجهلهم أحد ما دامت الدنيا دنيا.
وأي امرئ اليوم تذكر أمامه اسم ابن سينا ولا يتبادر إلى ذهنه ذلك الفليسوف الكبير صاحب الآثار الخالدة والشهرة العالمية.
ليس مفروضاً على الأم أن توجد في ابنها النبوغ والعبقرية أمثال المهاتما غاندي. ولكن المفروض في الأم أن تكون نعم القيمة على تربية طفلها واعداده للحياة عضواً مفيداً لا عضواً ضاراً فالثابت أن ذوي الأجرام الموغلين في إتيان الآثام إنما صاروا كذا من وراء أمهاتهم اللواتي أهملن تربيتهم.
فإذا قالت المأثورات "إن الأم تبني الأمة" وإن الأم تعد شعباً طيب الأعراق كان ذلك صورة الواقع الذي لا مراء فيه ولا اعتراض عليه.
قد يوجد رجل عظيم في شعب كبير، يضع مبادىء جديدة تنهض بأمته إلى الأوج ويلتف حوله فريق من المعجبين به ومن لداته وأترابه ولكن الأجيال التي تليه من يفقهها بتعاليمه ويشربها مباديه؟ أليست هي الأم.
هذه هي الأم في قوام الأمم، وهذا دور المرأة فلتعلم عظم المسؤولية الملقاة عليها.
اضافةتعليق
التعليقات