تقول القاعدة الخامسة: [اجعل أسلوبك دائماً شيقا يخاطب العقل والوجدان معاً، فلا تعتمد على التوبيخ والتنبيه فقط ولكن احرص أن تكون قريبا لوجدان طفلك تحببه بك بأسلوبك فإذا أحبك طفلك ملكته...](١).
الأطفال هم -كما تعبر الروايات- كالورقة البيضاء تستطيع أن تَكتب عليها، وتَنقش بها، وترسم في داخلها ما يتناسب مع وعيك، ومعرفتك، وما يُلامس احساسك؛ فكما إن تربيتك لأبنائك هو انعكاس لما تَحمل من قيم ومبادئ، وبما تتصف من صفات وطباع، يبقى حجم تأثير ذلك متوقفا على مدى نقائك وطهارتك التي تتوافق وتنسجم مع ما يحمل هذا الطفل من براءة ونقاء وطهارة، فالاستجابة ستكون مختلفة بلا شك.
إذ نرى في بعض الأحيان كيف أن بعض الأمهات لما يحاولن تلقين أطفالهن بأمور قد اعتدن هن على فعلها- ولا يرين أنها أمور غير طيبة أو مخالف للفطرة- هذا الطفل/الطفلة بداية يرفض، ويمتعض، بل ويستهجن ذلك الفعل المراد منه القيام به، لأنه لازال يحمل تلك الفطرة النقية، ولكن تكرار الأمر عليه هو ما يُحدث لوثا بتلك الفطرة، فيستجيب ولو عن غير حُب لذلك الفعل، ثم يُصبح طبع وعادة في حياته، بل ويكون فعل محبوب ومقبول وصحيح عنده!.
وهذه مسؤولية كبيرة أن لا يُستَغل حب الطفل لوالديه بتعليمه وتربيته على سلوكيات خاطئة، وبالمقابل كم هو جميل وثمين، وقد يقطع خطوات كثيرة وكبيرة على من يستثمر هذه المحبة في تَوجيههم بالشكل الصحيح، ومع ما ينسجم مع جبلته، فهو بذلك يحافظ على سلامة فطرة ذلك الطفل، ويرسخ ويثبت القيم والأخلاقيات التي هي بالأصل مغروسة فيه، وكم سينمو ويكبر هكذا طفل وهو قوي في شخصه وشخصيته.
كما وإن طبيعة الطفل في سني عمره الأولى لديه ميزة حب الإستكشاف والمعرفة لكل شيء حوله، فهو للتو بدأ يستخدم أدواته المعرفية من عقله وحواسه ليتعرف من خلالها على ما يراه ويسمعه ويشعر به، لذا لن ترويه الكلمات السطحية، ولن تملأ فراغه المعرفي تلك الأجوبة النمطية التي قد يكون المربيان اعتادا عليها، واقتنعا بسماعها.
فلكل جيل مستوى معرفي ودرجة إدراك تختلف عمن سبقه؛ وهنا لابد للمربين أن يتعبوا ويجتهدوا في إيجاد الأساليب والعبارات والوسائل التي تملأ ذلك الجانب بما يرضي الفضول المعرفي لذلك الطفل الشغوف بالتعلم.
وليدرك المربيان حجم دورهما ومسؤوليتهما هذه، فإن لم يكن لديهما جوابا فوريا، فليقابلوا سؤاله بالثناء عليه وإظهار السرور منه، وليقدما له وعدا بأنهما سيبحثان عن جواب له، وسيساعدانه في معرفة ما يجهله بمقدار ما يستطيعان، لا أن يزجرانه أو يقللا من شأنه وأهمية سؤاله، فقط لأنهما لا يملكان جواباً، أو هروباً من حقيقة ضعفهما المعرفي، فإن حصل ذلك، شيئا فشيئا قد يموت حافز التَفكر وطلب التَعلم والمعرفة لديه.
لذا كلما كان التعامل مبنيا على الصدق والحب والدقة بحيث يُرى على الطفل أثر القبول والاقتناع كلما أدى ذلك إلى أن يثق بكما كجهة يَرجع إليها في كل تساؤل يُريد الحصول على جواب له، وأنتما تطمئنان من كونه لن يذهب لجهات أخرى قد لا تكون أجوبتها سليمة لبنائه الفكري والمعرفي، كما وإنه سيتشجع أكثر لتنمية قدراته الذهنية.
_______
(١) البيت المهدوي، السيد بهاء الموسوي.
* المصدر: قناة ارشادات اسرية
اضافةتعليق
التعليقات