يمكن تعريف تقنية النانو على أنّها هندسةٌ تعتمد على النظم الوظيفية على المستوى الجزيئي، حيث تعتمد هذه التقنية على الجمع بين الهندسة وعناصر الفيزياء والكيمياء الجزيئية للوصول إلى القدرة على الاستفادة من الخصائص التي تحدث في مقياس النانو. ومن أهم تطبيقاته التي تجري اليوم هو العمل على استخدام الأنابيب النانوية الكربونية الدقيقة لنقل الدواء إلى خلايا محددة من الجسم.
المواد النانوية
وهي عبارةٌ عن موادٍّ تتميز بحجمها الصغير المقاس بالنانومتر، حيث أنّ النانومتر هو جزءٌ من المليون من الميليمتر. وتوجد جسيماتٌ بحجم النانو في الطبيعة، كما يمكن إنشاء بعضها من منتجات الكربون والمعادن ويشار إلى هذه المواد بالمواد النانوية الهندسية ENMs، والتي يمكن أن تحمل خصائصَ بصريةً ومغناطيسيةً وكهربائيةً مميزةً تكسبها القدرة على لعب دورٍ مهمٍ في المجالات المختلفة ومنها الطب، فعلى سبيل المثال يمكن استخدام تقنية النانو هذه في صناعة المستحضرات الصيدلانية التي تستهدف خلايا معينة من الجسم كالخلايا السرطانية وتزيد من فعالية العلاج.
تقنية النانو في الطب
هو عبارةٌ عن تقنيةٍ علميةٍ تهدف إلى تشخيص وعلاج الأمراض والإصابات والوقاية منها وتخفيف الألم، وذلك عبر استخدام التكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية ومواد منشأة بمقياس النانو، واعتماد أنظمة آلية معقدة وروبوتات النانو للقيام بذلك.
يعتمد مبدأ تشخيص النانو على استخدام أجهزة النانو للكشف المبكر عن الأمراض والاستعداد لها على المستوى الخلوي والجزيئي. كما أنّ الطب النانوي قادرٌ عبر استخدام أجهزة نانوية معينة لزيادة دقة طرق التشخيص التي تستخدم عينات السوائل والأنسجة البشرية، والاستفادة من ذلك في إجراء العديد من التحليلات الهامة على المستوى الخلوي الفرعي.
كما يهدف الطب النانوي إلى إنشاء أجهزةٍ قادرة على فحص جسم الإنسان للبحث المبكر عن الأمراض، وقياس كمية الجزيئات السامة والخلايا السرطانية داخله والتعامل معها.
وتتمتع المواد النانوية بخصائصَ بصريةٍ ومغناطيسية وبنيوية مميزة، مما يجعلها مفيدةً للتصوير التشخيصي واكتشاف الأورام. وتتمتع الجسيمات النانوية بميزاتٍ ذات قدرةٍ أكبر على التكيف من باقي المواد الأكبر حجمًا نظرًا لميكانيك الكم المعدل في مقياس النانو.
استخدامات تقنية النانو في الطب
تقنية النانو في طب الأسنان
ويهدف استخدام تقنية النانو في طب الأسنان إلى الحفاظ على صحة الأسنان عبر استخدام المواد النانوية، والتكنولوجيا الحيوية التي تتضمن هندسة الأنسجة وروبوتات النانو السنية. ويهدف العلم إلى منح روبوتات النانو السنية القدرة على استخدام آلياتٍ حركيةٍ محددة تسمح لها بالسباحة عبر الأنسجة البشرية بدقةٍ، والتوصل إلى تقنيةٍ لدخول الخلايا بشكلٍ آمنٍ والتعامل مع المحيط، ويتم التحكم بهذه الروبوتات النانوية عبر حاسوبٍ خاصٍّ يقوم بتنفيذ مجموعةٍ من التعليمات المبرمجة مسبقًا، أو قد يقوم طبيب الأسنان نفسه بإرسال أوامر مباشرةً إلى هذه الروبوتات عبر الإشارات الصوتية أو وسائل أخرى.
النانو في علاج السرطان
يعتقد العلم بأنّ تقنية النانو سيكون لها فائدةٌ كبيرةٌ في علاج الأورام، وخاصةً فيما يتعلق بالتصوير، وذلك بسبب صغر حجم جزيئات النانو، حيث يمكن استخدامها إلى جانب التصوير بالرنين المغناطيسي للحصول على صورٍ استثنائيةٍ لأماكن وجود الورم السرطاني.
تكون جزيئات النانو مثل النقاط الكمومية أكثر إشراقًا من الأصباغ العضوية، وتحتاج مصدرًا ضوئيًّا واحدًا للتنبيه، ففي حال استخدام النقاط الكمومية الفلورية يمكن الحصول على صورٍ ذات تباين أعلى وبتكلفةٍ أقل فيما لو قارناها باستخدام الأصباغ العضوية التي تستخدم كوسائط تباين.
ترتبط المجموعات الوظيفية المتعددة بجسيم النانو بسبب امتلاك جزيئات النانو نسبة عالية لمساحة السطح إلى الحجم، وبالتالي يمكنها الارتباط بخلايا سرطانية محددة، حيث تقوم جزيئات النانو بالتراكم في موقع الورم بشكلٍ تفاضليٍّ، حيث يجري العمل على إنشاء جزيئات نانو متعددة الوظائف لها القدرة على كشف الورم وتصويره ومن ثم علاجه.
النانو في علاج مرض الزهايمر
يقدر عدد المصابين بمرض الزهايمر حول العالم بحوالي 35 مليون شخصٍ، ولكن مع تطور العلم أصبح من الممكن تشخيص الزهايمر وعلاجه بشكلٍ مبكرٍ عن طريق استخدام تقنية النانو، وذلك عبر تصميم عددٍ كبيرٍ من الجسيمات النانوية ذات خصوصيةٍ عاليةٍ للخلايا المبطنة الشعرية في الدماغ..
النانو في توصيل الأدوية
يهدف استخدام تقنية النانو في هذا المجال إلى تطوير التأثير العلاجي لجزيئات الدواء، حيث تعتبر طرق توصيل الأدوية ذات أهميةٍ كبيرةٍ في الطب، الأمر الذي يتطلب تنقل دقيق خلال العمليات البيولوجية في الجسم عبر استخدام ناقلات الدواء، مما يحقق نجاحًا أكبر في حال التحكم بهذه الجزيئات وتفاعلاتها مع الخلايا الأخرى، إضافةً إلى السيطرة على شكل وحجم هذه الجزيئات والكيمياء السطحية لها.. حسب اراجيك
كيف يمكنه تحسين علاج السرطان وغيره من الأمراض؟
بينما تتعرض أجسامنا بالكامل للأدوية التي نتناولها، والتي يمكن أن تؤدي إلى آثار جانبية غير سارَّة وتقليل كمية الدواء التي تصل إلى الأماكن التي تحتاجها بالفعل، يمكن توصيل الأدوية بكفاءة أكبر إلى موقع العمل باستخدام تقنية النانو، مما يؤدي إلى نتائج محسّنة مع أدوية أقل.
يعني هذا النهج المستهدف أن الأدوية تسبب أكبر ضرر في منطقة الورم المعينة والمقصودة التي يتم تسليمها إليها، ما يقلل من الأضرار الجانبية للأنسجة السليمة المحيطة، ومن ثم من الآثار الجانبية.
ويمكن إضافة الوظائف إلى المواد النانوية عن طريق ربطها بالجزيئات أو الهياكل البيولوجية. ولأن حجم المواد النانوية يتشابه مع حجم معظم الجزيئات والتركيبات البيولوجية؛ لذلك، يمكن أن تفيد المواد النانوية كلاً من الأبحاث والتطبيقات الطبية الحيوية في الجسم الحي وفي المختبر.
حتى الآن، أدى دمج المواد النانوية مع علم الأحياء إلى تطوير أجهزة التشخيص وعوامل التباين والأدوات التحليلية وتطبيقات العلاج الطبيعي ومركبات توصيل الأدوية.
كان أول دواء نانوي للسرطان معتمد من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية هو Doxil. منذ عام 1995، تم استخدامه لعلاج سرطانات البالغين، وضمن ذلك سرطان المبيض والورم النخاعي المتعدد وساركوما كاربوسي (سرطان نادر يصيب غالباً الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة مثل فيروس نقص المناعة البشرية).
وحالياً، يوجد تيار من علاجات طب النانو الجديدة لسرطانات البالغين في التجارب السريرية (تجارب على البشر)، أو في السوق.
ولكن تمت الموافقة على عدد محدود فقط من هذه لعلاج سرطانات الأطفال، على الرغم من أن علاج السرطان هو المكان الذي يمكن أن تحقق فيه هذه التقنية أكبر فائدة، حسب موقع Johns Hopkins الطبي.
كيف يعمل طب النانو؟
يمكن تصويره على أنه أنظمة توصيل الأدوية ذات الجسيمات النانوية ولكن بطرق مختلفة. إلى جانب حمل الدواء للتسليم، يمكن تصميم الجسيمات النانوية لتحمل مركّبات معينة تسمح لها بالارتباط بجزيئات الخلايا السرطانية. بمجرد ارتباطها، تُوصل الدواء بأمان إلى موقع الورم المحدد.
تساعد الجسيمات النانوية أيضاً في قابلية ذوبان الدواء. ولكي يعمل الدواء، يجب أن يكون قادراً على دخول مجرى الدم، مما يعني أنه يجب أن يكون قابلاً للذوبان.
على سبيل المثال، دواء السرطان باكليتاكسيل (تاكسول) غير قابل للذوبان، لذا تجب إذابته في عامل توصيل للدخول إلى الدم. لكن هذا العامل يمكن أن يسبب ردود فعل تحسسية لدى المرضى.
للتغلب على هذه المشكلات، طور الكيميائيون جسيمات نانوية من بروتين الألبومين الطبيعي، فتحمل باكليتاكسيل وتجعله قابلاً للذوبان ولكن بدون تفاعلات الحساسية.
عادةً ما تكون للأورام أوعية دموية مضطربة ومتسربة تنتشر من خلالها وتخرج منها. تسمح هذه الأوعية لأدوية العلاج الكيماوي بدخول الورم بسهولة، ولكن نظراً إلى أن جزيئات العلاج الكيماوي صغيرة جداً، فإنها تنتشر أيضاً عبر الأوعية وتخرج من الورم، وتهاجم الأنسجة المحيطة.
ولأن الجسيمات النانوية جزيئات أكبر، لذا تنحصر داخل الورم، حيث تسبب كل الضرر تجاه الخلايا المستهدفة.
بمجرد تسليم حمولتها من الأدوية إلى الخلايا، يمكن تصميم الجسيمات النانوية لتتحلل إلى منتجات ثانوية غير ضارة. هذا الأمر مُهم بشكل خاص للأطفال الذين مازالوا في طور النمو.
يسعى طب النانو إلى تقديم مجموعة قيّمة من أدوات البحث والأجهزة المفيدة سريرياً في المستقبل القريب.
وتتوقع المبادرة الوطنية لتقنية النانو في أمريكا ابتكار تطبيقات تجارية جديدة في صناعة الأدوية، قد تشمل أنظمة توصيل الأدوية المتقدمة والعلاجات الجديدة والتصوير في الجسم الحي.
تتلقى أبحاث الطب النانوي تمويلاً من برنامج الصندوق المشترك للمعاهد الوطنية الأمريكية للصحة، الذي يدعم أربعة مراكز لتطوير طب النانو.
وفي أوروبا، تخضع الأدوية النانوية البيولوجية للإطار الذي وضعته وكالة الأدوية الأوروبية (EMA) لأغراض تنظيمية، هدفها متابعة الطب النانوي البيولوجي حسب عربي بوست
اضافةتعليق
التعليقات