لقد حقق الإسلام نجاحاً باهراً في نظامه الإداري، حيث استطاع أن يجمع بين ضبط معتنقيه، وبين أن يطلق الحريّات في كل شيء إلا المحرمات.
فقد كانت الإدارة الإسلامية نموذجاً بسيطاً لا يقبل التعقيد، وليس لها أي ثقل على الناس.
فكان جهاز الدولة التنفيذي عبارة عن أفراد قلائل، وكان القاضي وأفراد معدودون يشغلون مناصب النظام الإداري، فلم تكن هناك أيّة دوائر إضافية كابتة للحريات، كإدارة الهجرة والجوازات ومختلف الدوائر الحالية التي تقيد حريات الناس وتفرض عليهم رسوماً وشروطاً في البناء والتجارة والزراعة والصناعة، وإلى آخره.
ولقد كانت (الإدارة) في الإسلام مزيجاً: من الثقة والأخلاق والتسامح والإيمان الذي يتحلى به الناس، والبساطة في القانون، وفي المعيشة و...، ولم يكن الفضل في ذلك كله إلا للرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله وسلم – بأمر الله الذي فرض منهجاً لم يستطع حتى أسوأ الخلفاء تجاوزه إلا في دائرة محدودة.
ولقد كان المسلمون جميعاً يشتركون في الجهاد والحرب ضد العدو للدفاع عن حياض الإسلام، باستثناء من لا يجب عليه الجهاد كالمرأة ونحوها، فإنّ للناس حريتهم في مزاولة شؤون الحياة، والحركة كيف يشاؤون، ومتى يشاؤون، وأنّى يشاؤون.
أمّا الحكومة فليس لها إلا شيئان وظّفت من أجلهما:
الأول: الإشراف على إجراء وتنفيذ العدالة بين الناس.
الثاني: دفع الأمة نحو الأمام والتقدم والرّقي.
وقد طبق النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – هذه البساطة في الحكم، حيث نصب شاباً حاكماً على مكة المكرمة من دون معاون أو حماية أو ما أشبه، رغم أنّ مكة كانت هي العاصمة الرئيسية المعادية بل المعارضة والمحاربة للنبي – صلى الله عليه وآله وسلم - طوال أكثر من عشرين عاماً.
كما أرسل سلمان المحمدي إلى المدائن (العاصمة الفارسية)، وأرسل إلى الكوفة رجلين فقط، وما إلى ذلك من الأمثلة.
ونتيجة لهذه البساطة في الحكم والإدارة الإسلامية، أقبل الناس على الإسلام زرافات ووحداناً واعتنقوه برحابة وشوق، وعندما ترك المسلمون تلك الميزة والنعمة الإلهية، تخلّى الناس عن الإسلام وتوجهوا نحو دول أخرى وأنظمة أخرى تحمل بعض تلك الأنواع من الإدارة الإسلامية وبساطتها،... ولم تكتف أنظمتنا بالتعقيد فقط، بل أضافت إلى ثقل الإدارة الاستبداد والجهل والغرور والأنانية والدجل وتكديس الأموال لمصالحها الخاصة، وهذا ما أثار حالة استياء واسعة في أوساط المسلمين الذين التحقوا بركب الحضارة الغربية بحثاً عن فتات الخبز وفتات الحريّة!.
ولا علاج لمأساة المسلمين إلا بالرجوع إلى الإسلام الواقعي الذي ذكر في الكتاب والسنّة.
اضافةتعليق
التعليقات