نمت أنامله على حب الفن فأبحر بعالمه الخلاب بين الخط والرسم والنحت ليرسو آخر المطاف في ميناء أعواد الكبريت لينفرد بفنٍ يبهر المتذوقين لما يتقنه من صنع المجسمات المصغرة خلالها..
إنه الفنان عثمان ابراهيم الدليمي كانت لـ (بشرى حياة) هذه الوقفة معه ليحدثنا عن تجربته الفنية:
مواهب متعددة
تنوعت مواهب عثمان منذ طفولته وكأنها ولدت معه ليتنقل بينهن بخفة فتارة تراه نحات يحول الحجر الأصم إلى تحفة فنية ناطقة كما يشغل نفسة بدقة لامثيل لها بنحته على القلم أيضا, ثم يغرق بالألوان ليرينا جمال الزخارف والخط والرسم على الزجاج وغيره, حتى يختم لنا صفحة ابداعه بجمال مجسمات مصغرة صنعها بدقة متناهية من أعواد الكبريت.
لم يحظَ عثمان بفرصة عمل في القطاع الحكومي فكان عمله حُراً, وإلى ذلك استطاع ايجاد ضالته في ممارسة هوايته المحببة والتي لاقت اعجاباً كبيراً من قبل المتذوقين.
ظروف استثنائية
وعن سؤالنا له إن كان عمله في هذا المجال يسد احتياجاته المادية قال: لست ممن يعمل بهذا المجال لكسب المال فعملي هواية قبل أن يكون مصدر رزق غير أن الظروف الاستثنائية التي نواكبها في ظل تعاقب الأزمات جعلتني مضطرا لأبيع بعض المنحوتات والأعمال الأخرى وذلك من خلال ما أتلقاه من طلبات خاصة وهذا يكون مقابل أجور مناسبة, ففي الغالب أحب أن أقتني ما أصنعه.
تنوعت أعمال عثمان بين منحوتات لحيوانات وأخرى مجسمات لقطع أثاث أو قطع سلاح كما يستلهم مزج فن أعواد الكبريت بالرسم ليجسم بوتريه للوجه لبعض الشخصيات الاجتماعية المعروفة وللعامة وذلك حسب الطلب.
أكد لنا عثمان قائلا: إن الفن ليس درسا يتعلمه الطالب للإبداع به في المستقبل إنما هو موهبة تدعم وتصقل من قبل الأهل والأصدقاء والشخص نفسه.
ورغم أني لم أدرس الفن إلا إني أجيد الأعمال الفنية منذ الصغر بالأخص الأعمال التي تترك بصمة خاصة للفنان ولذلك أردت الانفراد بفن مختلف ملفتاً للانتباه بعيدا عن الفرشاة والألوان والدهان, فكانت وجهتي هي صنع المجسمات المصغرة بأعواد الكبريت.
فمن خلال هذا الفن اكتشفت أن قيمة الأشياء ليس بحجمها بل بما تحمله من فكرة وغاية فالعمل المصغر يختصر حكاية الغرض منها ايصال رسالة توعوية للمجتمع.
مواد العمل
وأضاف عثمان أن المادة الأساسية في عمله هي مواد بسيطة تتكون من أعواد الكبريت الصغيرة والصمغ الحار والبارد وأحيانا يستخدم عود الفحص الطبي وأعواد الشواء كتطعيم للعمل الذي يقوم به.
وعن الوقت الذي يستغرقه في انجاز عمل مجسم ما أجابنا الدليمي: كل لوحة أو مجسم يستغرق أشهر حسب العمل ولكن المصغرات تستغرق عدة أيام.
محطة مميزة
بعد أن دخلنا مغارة الفنان عثمان اكتشفنا أن لهذا الفن الفريد من نوعه جمهور خاص ومتذوقين يترقبون أعماله بشغف كما كانت أعماله محطة مميزة في دنيا الفن إذ حصد من خلاله على عدة جوائز وشهادات تقديرية كما شارك بمهرجانات ومعارض بوزارة الشباب.
وبحزن ختم لنا عثمان حديثه عن اهمال الجهات المعنية بهكذا مواهب لعدم تبنيها وايصالها إلى الجهة الأخرى من العالم, إذ اعتذر عن عدة مشاركات خارج البلاد لمسابقات ومهرجانات وذلك بسبب الظروف والصعوبات التي تعيق الفنانين بشكل عام للتنقل والسفر لتمثيل بلده بين الدول الأخرى لذلك بقت مشاركات عثمان الدليمي داخل العراق فقط, وهذا ما يشعره بالإحباط والحزن غالباً.
اضافةتعليق
التعليقات