أظن أن الجميع قد سمع بقصة تلك المرأة التي عابت على ملابس جيرانها كونها متسخة، حتى مسحت نافذتها لتعرف أن الأوساخ كانت في نافذتها هي لا في ملابس جارتها، مثل هذا الموقف يراودنا لكن بصورة أعمق حيث نحتاج كثيرا إلى تنظيف رؤيتنا لكثير من المواقف ولا نجعلها متأثرة بنافذتنا المتسخة القاصرة عن رؤية الحقيقة.
فهذه الغرفة التي تعيش فيها، مرة تعيشها سجنا، وأخرى تعيشها جنة تبعا لطقسك، ومثلها الشوارع والأماكن التي أحيانا تكون في أوج ألوانها وأحيانا تبهت ملامحها حين يكون طقسك خريفا، وفصول المزاج تعمي عن الحقيقة، وبالتالي نحن نحاول أن نركب حقيقة تتلائم مع طقوسنا، وهذا خلاف المنطق!
فعندما تضيع شيئا ما وتفكر بالبحث عنه فينقطع الضوء فتخرج للبحث عنه في مكان آخر فيه ضوء، فإنك لا تجد ما فقدته لأن المكان أختلف والشي لازال في مكانه المظلم!
فالبحث في المكان الخاطئ لا يعطيك ما فقدته وهكذا نحن نفعل حين نبتعد في البحث عن حقائقنا، ونريد من الآخرين أن يتغيروا من أجلنا، التغيير ينبع من الداخل ثم يبدأ مفعوله كعدوى للآخرين.
الحياة بسيطة
القاعدة الأولى التي ينبغي أن نعرفها لنتغير من الداخل هي كما يقول اوسكر وايد: (الحياة بسيطة والشيء البسيط هو الشيء الصحيح)، تغيير النظرة للحياة من التعقيد إلى البساطة ينقل نظرتنا من أن الخلل في الآخرين إلى نظرة أكثر عمقا وهي نظرتنا لهذا الجانب فقط من الحياة، فنحن لو ركزنا على الجوانب السلبية ووجهنا منظارنا عليها نراها سوداء قاتمة خصوصا مع الظلم والأحداث التي تمر بها الشعوب العربية وغيرها من فساد واضطهاد وسرقات وقتل، إلى هنا هل تفاعلت مع ذلك وشعرت بحسرة على الوضع الراهن، هذه الحسرة تكبر كلما تعمقت أكثر في الواقع المعيشي، لكن من جانب آخر لو نظرنا إلى كمية المبادرات في الشعوب العربية والتعاون والجمعيات الخيرية ومشاريع الإيواء وغيرها ممكن أن ترسم بسمة على شفاهك وتبعث في داخلك ضوءاً أبيضاً.
لا يعني أن تهمل ذلك الجانب لكن لا ينبغي العيش فيه، عندما تواجهك مشكلة معينة لا تذهب إلى المشكلة نفسها وتجلس فيها وتنعى بؤسك بل انهض لتبحث عن الحل، فلا توجد مشكلة من دون حل، واذهب إلى أسهل الطرق في الحل، انظر لمشكلتك كأنها ستهديك درسا جديدا تتعلم منه حلا جديدا.
الحياة ستنتهي
القاعدة الثانية (أن هذا الوقت سيمضي) هذه العبارة التي خُطّتْ على يد أحد الحكام، هذه العبارة تستطيع أن تغير نظرتك لعلاقاتك، لمشاكلك، كم تريد العيش في هذه الحياة، وما نوع العيش الذي ستختاره، هل تريد أن تعيش في بؤس ونزاعات أم تريد عيشة هانئة؟ الثانية تحتاج إلى عدم وقوفك على كل كلمة تسمعها، تسامح، تعفو، تعتذر، لتخرج تلك الكتلة السوداء بداخلك لتصبح أكثر راحة واستعداداً لتقبل نفسك والآخرين.
الحياة مغامرة
القاعدة الثالثة: (الحياة محض مغامرة نجريها ونذهب إلى حياتنا)، اختر لحياتك هدفا ساميا تسع وراءه، تنشغل به ليبتعد عنك الفراغ الذي هو مفتاح كل شر، فحياتك هي مغامرتك وكل مغامرة تحمل الصعاب والجمال والشعور بكينونة الإنسان، بعد ذلك الهدف ضع هدفا آخر يبني حياتك بنيانا صحيحا.
ابدأ من اللحظة التي تؤمن بهذه القواعد وأسس لأثرك فيما بعد، ماذا تريد أن يُذكر بعد اسمك، فها هم من تركوا علما كتبهم مخلدة للآن ينتفع بها واسمائهم، حتى أصحاب العمل تركوا أعمالهم صدقة تجري لهم، السؤال مالذي أريد تركه إرثاً لي؟
اضافةتعليق
التعليقات