سرٌ عظيمٌ فاق كل الأسرار.. سرٌ احتفظ بخصوصيته في روح امرأة مقدّسة منذ عالم الذر والميثاق والأنوار، سيدةُ نساءِ العالمين.. سيدة "السر المستودع".. سيدة أهل الجنة.. سيدةُ أمة أبيها.. الحُجّة، المُحدَّثة الصادقة المصدّقة، الحورية الإنسية المخلوقة من ثمر الفردوس.
رويت فيها نصوص ونصوص ونصوص لم يبلغ بها البشر كنه معرفتها: "یا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا علي لما خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما".
سرٌ دار على معرفته القرون الأولى.. فمن عَرف فاطمة (صلوات الله وسلامه عليها) فقد عَرفها، ومن لم يَعرفها فليبذل الجهد في معرفتها كما أشار إلى ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو آخذ بيدها قائلًا: (من عرف هذه فقد عرفها ومن لم يعرفها فهي بضعة مني هي قلبي وهي روحي التي بين جنبي فمن آذاها فقد آذاني،.. فنلتمس من الله تعالى ورسوله أن يلهمنا ولو طيف من معرفتها لتضيء وتسعد به قبورنا وآخرتنا.
سرٌ أودعه الله "عزّ وجلّ" في مصحف فاطمة العالمة المحدثة، الذي أوحى جبرائيل إليها فيه بعد شهادة أبيها "بما كان ومَا يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة"،.. ورثه أبناؤها المعصومين عنها، إمام بعد إمام صلوات الله وسلامه عليهم.
سرٌ أودعه الله تعالى فيها وفَطِم الخلق جميعا عن معرفتها باستثناء أبيها وبعلها أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليهما)، وجعلها آية وحجة وصدّيقة عصمها من كل إثم ورجس ودنس حتى قَرن رضاها وغضبها برضاه وغضبه.
سر مستودعٌ فيها صُنف بفضله جميع الخلق إلى صنفين على يديها الكريمتين يوم الحشر والنشر والميزان والحساب والكتاب، وختم على هذا محبٌ لها وعلى ذاك مبغض. فالفوز والسعادة لمن ركب سفينتها سفينة النجاة وفاز بالخلد والجنان، واللعنة الدائمة والخسران المبين وغضب الرحمان لمن آذاها وأبغضها وحاد عن طريقها.
وأي سر عظيم هذا الذي أودعه الله عزَّ وجلَّ فيها حتى يخاطبها بعلها أمير المؤمنين بـ "سيدتي"! ويرجع القهقرى حينما يودعها ويسلم عليها وهو سيد الأوصياء وإمام المتقين ويعسوب الدين، والغرّ المحجلين، وقسيم الجنة والنار، ونفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحامل لوائه وخليفته الذي لا يُقاس علمه "علم ألف باب" أحد..
وأي سر عظيم فيها حتى تخشى مذاهب الأمم الأخرى منها ومن إفشاء واطلاق سيرتها الجميلة ومناهجها العظيمة، فكم عبثوا وتلاعبوا في ما هو مقطوع ومروي عندهم عنها، سيما في ما رواه رسول الله (صلى الله عليه وآله): "أفضلُ نساءِ أهلِ الجنّةِ أربع: خديجةُ بنتُ خويلد، وفاطمةُ بنتُ محمّد، ومريمُ بنتُ عمران، وآسية بنتُ مزاحم امرأه فرعون"، فكم نسخ ودلس ذلك الحديث في مصادرهم حتى جعلوها مرة فيه متقدمة رتبة ومنزلة وفضلًا على جميع نساء أهل الجنة ومرة أخرى متأخرة هي وأمها "أم المؤمنين" السيدة خديجة (صلوات الله وسلامه عليهما ).
فما هذا الاضطراب والابتذال والحيرة حولها؟!
{يرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.
فهل عرفنا فاطمة أم أبيها!
صلوات الله وسلامه وتحياته عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها.
اضافةتعليق
التعليقات