فتحت عيني في صباح يوم مشمس جميل كانت اشعة الشمس الذهبية قد تسللت من النافذة لتدلي باشعتها الدافئة على وجهي وأخذت تداعب خصلات شعري المتناثرة على الوسادة، قمت من فراشي بخطوات منهكة متعبة ثقيلة فقد كانت آلام القدمين قد اخذت مأخذها مني وآلام الركبتين، وكنت اشعر بأن جسمي بات كالخرقة الخاوية البالية التي أشرفت على التمزق، مشيت بخطواتي الثقيلة هذه لتوصلني إلى الصالة..
اجلست نفسي على الكنبة اخذت وضعية الاسترخاء، فأخذت تجول برأسي افكار منها؛ لماذا لانذهب لزيارة السلطان صاحب القلب الرؤوف والرحيم، ومغيث الزوار سيدنا الامام على بن موسى الرضا (عليه السلام) فكم كانت عيني تصبو وتهفو كروحي تماما لرؤية تلك القبة العظيمة المباركة، وكنت كلما ذكرته اغرورقت عيني في بحر من دموع حب وشوق من غير طرق باب الاستئذان.
تنفست الصعداء وقمت من مكاني وذهبت لزوجي فقد كانت عطلة نهاية الأسبوع وزوجي في البيت يأخذ قسطا من الراحة، طلبت منه أن نذهب لزيارة سيدنا ومولانا ومعتمدنا ورجانا سلطان الجود والكرم علي بن موسى الرضا (عليه السلام) فاني اريد ان يشفع لي عند الله تعالى بقضاء حاجتي وشفاء سقمي وعاهتي .
رحب زوجي العزيز بالفكرة، ولم يخف عني بأنه كان راغبا هو الآخر بزيارة أنيس النفوس مع بدء العطلة الصيفية، فأي مكان أطيب وانقى وأحب الى الله تعالى من هذا المكان الذي دفن فيه بضعة من رسوله الكريم، وبضعة من الحسين الشهيد، عليهم أفضل التحايا والتسليمات مع كل نسمات ناعمة تأتي وتروح على قبورهم المباركة الشريفة.
وبعد يومين، أخذنا بتوضيب امور سفرنا، وأخذنا بتجهيز حقيبة الملابس، وضعت الملابس في حقيبة سوداء متوسطة الحجم، وكنت حريصة على أخذ بعض الأدوية التي قد نحتاجها في السفر، وكان موعد طائرتنا في اليوم التالي صباحا.
وفي الصباح من اليوم التالي جاءت علينا سيارة أجرة صفراء صغيرة، كان زوجي قد تواعد مع صاحبها مسبقا لتأخذنا إلى المطار وسارت بنا السيارة، بعد قليل وصلنا إلى المطار، نزلنا من السيارة ودخلنا المطار وبعد إكمال إجراءات المطار جلسنا في غرفة الانتظار ننتظر طائرتنا، وصلت الطائرة وصعدنا بها فأخذت نبضات قلبي بالتسارع لأني احسن باني اقترب من الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام).
وصلنا مشهد.. نزلنا في مطارها، اخذنا حقيبتنا وخرجنا، انفتح أمامي باب المطار وخرجت منه عندها تنفست الصعداء وأخذت نفسا عميقا فدخل في رئتَي هواء عليل طيب نقي ليس له مثيل.
كان الجو غائما مائلا إلى البرودة، فأخذت تدغدغني قطرات عذبة وناعمة من المطر التي تساقطت على وجهي ورأسي، فثلج صدري وهدأ فكري، وارتاحت نفسي.
وقلت في نفسي: ما اعظمك يارب سبحانك انزلت الغيث من السماء ليغاث به الناس فيكون بذلك شفاءا لصدورهم من كل وسواس ومن كل هم وغم يشغل قلوبهم او ضيق ولكي نشفى به من الأمراض النفسية والجسدية.
وفي حينها اخذت تتراءى لعيني جبال شامخات راسيات... ما اعظم قدرتك يارب!!!
استنشقت نسيما عليلا كان قد غاب عني لفترات طويلة، نسيم عذب نقي، كم أحب هذه الأجواء، فيها شفاء للروح والجسد..
وفي وهلة من الوقت نظرت فرأيت زوجي وقد إستقبل سيارة أجرة لتنقلنا، فصعدت انا في الكرسي الخلفي للسيارة وجلست بالقرب من النافذة فتراءت لناظري أشجار شديدة الخضرة، وازهار بكل الالوان، وماهي الا دقائق واذا بعيني ترمق تلك القبة الذهبية العظيمة التي طال الانتظار لرؤيتها، فذرفت دموع حب وفرح واشتياق، دموع شكر وامتنان لله تعالى على توفيقنا ووصولنا لامامنا سالمين.
وانا في السيارة سلمت على الإمام علي بن موسى الرضا سلام المشتاقة الولهى إلى زيارته ....
وسارت السيارة بنا الى الفندق، فوضعنا امتعتنا وارتحنا قليلا من عناء السفر، ثم اغتسلت وتوضأت، وتوجهنا إلى زيارة سيدنا ومولانا علي بن موسى الرضا(عليه السلام) طلبنا الأذن بالدخول ودخلنا وها نحن في الجنة!.
حيث الراحة النفسية بكل معانيها ونسيان كل شيء من هموم الدنيا واحزانها، والاتصال الروحي بالله تعالى والقرب من رب العالمين، وكما ورد عن أئمتنا عليهم السلام (أن قبورهم روضة من رياض الجنة) لذالك يستشعر المؤمن الراحة والأمن والأمان، وكما ورد في الزيارة (ما خاب من تمسك بكم وامن من لجأ اليكم)...
جلست في إحدى صحون حضرة الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وبعدها قمت ومشيت بخطوات بطيئة قاصدةً بذالك الدخول لضريحه الطاهر..
دخلت الضريح وانهالت من عيني دموع الخشوع والخضوع لله تعالى وللامام، افتتحت دعائي بالصلاة على محمد وآل محمد، ثم دعوت للامام المهدي (عليه السلام) وبتعجيل الفرج، ثم للوالدين والاهل وللمؤمنين والمؤمنات بالمغفرة وقبول الأعمال، ثم طلبت حاجتي من الله تعالى بقضاءها لي بشفاعة الإمام الرضا عليه السلام وبجاهه عنده، وكذلك طلبت من الإمام الرضا عليه السلام التشفع لي الى الله بقضاء حاجتي والشفاء لي، وصليت ركعتي الزيارة وخرجت .
وكنت في كل مرة اتي لزيارة الإمام الرضا عليه السلام اشعر بنفس الشعور؛ الخشوع والخضوع لله تعالى والإمام، مكثنا في مشهد عشرة أيام وبعدها حان وقت سفرنا فأخذت اخاطب الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بهذه الكلمات: يا امامي.. لو كان الأمر بيدي لبقيت العمر كله بالقرب منك ومافارقتك، يا امامي.. ان كان ولابد من الوداع والفراق فاطلب من الله تعالى أن لا يجعله آخر العهد مني لزيارتك..
هكذا وبهذه الكلمات ودعت امامي وقلبي يعتصر الما وخرجت، لكن في النهاية لابد لنا من الرجوع إلى بلدنا، ذهبنا لمطار مشهد ودخلنا، وصلت طائرتنا بعد قليل وصعدنا فيها، جلسنا بمقاعدنا المخصصة، وماهي الا ساعة واذا بنا قد وصلنا إلى بلدنا، فحمدت الله واثنيت عليه لوصولنا سالمين، استقللنا سيارة لتنقلنا إلى البيت، ومع وصولنا إلى البيت أحسست بأن صحتي على ما يرام وقد استعدتها وتشافيت ببركة الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) زال مني كل الم!.
وان كنت بعيدة عنه فإني ازوره في قلبي وعقلي، فسلام عليك يا سيدي ومولاي يا علي بن موسى الرضا ما لقيت وبقي الليل والنهار ورحمة الله وبركاته...
كانت رحلتي جميلة ورائعة قضيتها في مشهد في العطلة الصيفية، وأتمنى في كل عام ان نذهب إلى هذا المكان الطاهر ونحظى بزيارة أنيس النفوس .
اضافةتعليق
التعليقات
العراق2017-07-19
اني من المواظبين على زيارة. المراقد المقدسة بما يشبه الروتين لكن اقصوصتك جعلتني أسعى لمنحها جرعة إنعاش وروحانيه ...فشكرا لانأملك. ...