قد لا ينظر الإنسان إلى قيمة ما في يديه حتى يأتي أحد لينبهه أنها ثروة هذا ما فعله التطور بإكتشاف استخدامات حديثة للنفايات.
لقد وُضعت خطط على مستوى واسع لفصل القمامة وتدويرها أو تحويلها إلى سماد في معظم المدن الأوربية، إن استخلاص الطاقة من القمامة الصلبة هو خيار مشجع للمدن الكبيرة، وذلك لقلة المساحات المخصصة للردم والكلفة العالية لنقل القمامة.
لقد جربت تكنولوجيا حرق النفايات الصلبة وفحصت في كل من أوروبا واليابان ، وكما جهزت شبكات واسعة لجمع القمامة ونقلها في معظم المدن الكبيرة لضمان تغذية مستمرة لمحارق الفضلات إذ يوجد حوالي 350 محرقة تعمل باستمرار في الوقت الحاضر في مختلف أنحاء العالم. أما في سويسرا واليابان فإن 8% من النفايات الصلبة تعامل بهذه الطريقة.
وهنالك عدد من الدول الصناعية تعتبر حرق الفضلات إحدى الخطوات المهمة في إعادة الحرارة.
كما أن الحرارة الناتجة عن الحرق تستخدم في التدفئة وتوليد الطاقة الكهربائية. أمَّا الرماد فيمكن أن يُستخدم في التشييد والبناء.
وتتم مراقبة انبعاث الغبار، والحوامض، والمعادن، والمواد العضوية من المحارق القديمة والحديثة مراقبة جيّدة في معظم مدن العالم الكبيرة.
إن حرق النفايات الصلبة في عدة مناطق بريطانية يستغل لغرض إنتاج طاقة حرارية لأبنية متعددة الطوابق وبعض الأبنية العامة بما في ذلك المخازن التي يمتلكها أناس عاديون.
خلال الفترة الممتدة من 2001 إلى 2007، ازدادت كمية الطاقة المولدة من النفايات بحوالي أربعة ملايين طن لكل سنة. قامت اليابان والصين ببناء عدة مصانع تعتمد على الصهر المباشر أو على حرق النفايات الصلبة في قاع مُميَّع.
يوجد في الصين قرابة الخمسين مصنعا لتوليد الطاقة من النفايات.
تُعدُ اليابان هى أكبرُ مُستخدمٍ لعلمية المُعالجة الحرارية للنفايات الصلبة المحلية بحجمٍ يُقدر ب40 مليون طن.
بعضُ المصانع المُزوَدة بأحدث التقنيات، تستخدمُ تقنية التوقيد، فيما يستخدمُ البعض الآخر التقنية المُتقدمة للتخصيب الأكسيجيني.
هناك أيضًا أكثرُ من مائة مصنعٍ للمُعالجة الحرارية، يستخدمون عملياتٍ جديدة وغيرُ مألوفةٍ في هذا الصدد، من مثل الصهر المُباشر، أو عملية التسييل المعروفة باسم ابارا، أو عملية التغويز الاختياري الحراري، وعملية الانصهار. في مدينة (باتراس) في اليونان، انتهت لتوها شركةٌ يونانيةٌ من اختبار نظام أظهر كفاءةً كبيرة في هذه الصدد. هذا النظام يوّلد 25 كيلو وات من الكهرباء، و25 كيلو وات من الحرارة باستعمال المياه العادمة. في الهند، طُوِّر أول مركز للعلوم الحيوية لتقليل إنتاج الدولة للغازات المُسببة للإحتباس الحراري وكذلك تقليل الاعتمادية على الوقود الأحفوري.
هناك عديد من الطرق لاستخراج الطاقة من المخلّفات ومن أهمها الترميد، وهو حرق المواد العضوية كالنفايات مع "استرجاع الطاقة"، بمعنى أن الطاقة التي صرفت في البداية في عملية الحرق والترميد تسترجع من خلال الحرارة الناتجة من عملية استكمال حرق المادة العضوية، لتستخدم لاحقاً في إنتاج الكهرباء. ويُعد هذا التطبيق الأكثر شيوعاً، لكنه يستلزم تطبيق معايير صارمة لمراقبة الانبعاثات، تتضمَّن قياس أكسيد النيتروجين، وثاني أكسيد الكبريت، والمعادن الثقيلة، فضلاً عن الديوكسينات، وهي مجموعة من المواد الكيميائية الخطرة تُعرف بالملوّثات العضوية الثابتة. وتثير هذه المواد قلقاً بسبب قدرتها العالية على إحداث التسمم إذا ما تسربت إلى عناصر البيئة.
لذلك، فإن معامل الترميد الحديثة تختلف بشكل كبير عن القديمة، حيث إن بعضها ما كان يسترجع الطاقة ولا المواد، أي إن الحرارة الناتجة عنها لم تكن ذات فائدة وتضيع هباءً. أما المحارق الحديثة فتقلل حجم النفايات الأصلي بنسبة تصل إلى %96، اعتماداً على المزيج وعلى درجة الاستعادة للطاقة الناتجة من عملية الترميد للمواد كالمعادن من الرماد.
هناك اعتباراتٌ تخص تشغيل المحارق وتتضمن الحبيبات الناعمة، والمعادن الثقيلة، وتتبُّع الديوكسينات وانبعاثات الغازات الحمضية، حتى لو كانت هذه الانبعاثات مُنخفضةً نسبياً في المحارق الحديثة. وهناك اعتباراتٌ أخرى تتضمن إدارة الرماد المتطاير السام والرماد المُتبقي في قعر المحرقة. وتمتلك هذه المحارق كفاءة كهربائية في حدود 14 إلى 28 بالمئة. أما بقية الطاقة فيمكن الاستفادة منها في التسخين على سبيل المثال، لكن الكمية المتبقية تُعدّ حرارة مضيَّعة.
طريقة استخدام الترميد لتحويل النفايات المحلية الصلبة إلى طاقة هي طريقة إنتاج قديمة نسبياً. وهناك مُشكلةٌ واحدةٌ ترتبط بالنفايات المحلية الصلبة بعد تحويلها إلى رمادٍ بُغية الحصول على طاقة كهربية، ألا وهي كمية المُلوّثات التي تنبعثُ في الهواء من خلال مدخنة المُسخّن. إذ يمكن لهذه المُلوّثات أن تكون حمضيةً، ويمكنها أن تُحدث ضرراً بيئياً جسيماً بتحويل الأمطار الطبيعية إلى أمطار حمضية. وقد تم العمل بجدّ على تحسين هذه الطريقة بتقنيات كيميائية متعدِّدة، حتى إن معامل الترميد الحديثة صارت نظيفة لدرجة أن مادة الديوكسين التي تنتجها باتت أقل حتى من تلك الصادرة عن مدافئ المنازل وحفلات الشواء.
الطريقة الثانية هي إنتاج الوقود السائل عبر ما يسمى بالانحلال الحراري أو التكسير الحراري. ويطبق على منتجات البلاستيك من المبلمرات التي تتكوَّن من سلاسل طويلة من مركبات هيدروكربونية خفيفة. وإذا تم تعريض هذه المبلمرات الصلبة لحرارة وضغط عاليين بغياب الأكسيجين، فإنها تتكسر منتجة سوائل شبيهة بالوقود البترولي، ويمكنها أن تكون بديلاً ممتازاً له في كثير من التطبيقات.
ويمكن الاستفادة من الطاقة الضائعة في محارق النفايات في توفير الحرارة اللازمة للتكسير الحراري لمواد البلاستيك. كما يتم تطبيق تقنيات التكسير الحراري في إنتاج الفحم والوقود السائل والغاز من النفايات العضوية. ومثال على ذلك منشأة إدمونتون في ألبرتا - كندا لتحويل الإيثانول إلى طاقة، المغذى بالوقود الصلب المستعاد، وأيضاً مصنع تحويل الإيثانول إلى طاقة في بونتوتوك في ولاية مسيسيبي الأمريكية.
وتتمثل الطريقة الثالثة في تحويل النفايات إلى طاقة بواسطة (تغويز البلازما). والتغويز مصطلح يعني تحويل المادة من الحالة السائلة أو الصلبة إلى الحالة الغازية. أما البلازما، فهي حالة المادة الرابعة، بعد الصلب والسائل والغاز. والبلازما عبارة عن غاز مشحون إلكترونياً وشديد السخونة تولّده النجوم في الكون بطريقة طبيعية. ويمكن توليده اصطناعيـاً على الأرض عبر استخدام الطاقة الكهربائية.
التغويز بأسلوب البلازما هو عبارة عن معالجة النفايات العضوية وغير العضوية بواسطة مفاعل يستخدم موقد بلازما قوي لرفع درجة حرارة النفايات لتصل إلى آلاف الدرجات. تؤدّي هذه الحرارة الرهيبة إلى تكسير الروابط الكيميائية بين العناصر وتحويل كامل كمية النفايات المعالجة، بما فيها الخطرة بيئياً، إلى غازات، وتُقسّمها إلى عناصرها الأساسية. ومن أهم ميزات التغويز أنه لا ينتج الرماد الذي يُعد مشكلة أساسية في المحارق التقليدية، كما أن مردود الطاقة من هذه العملية عالٍ مقارنة بتقنية الحرق المباشر، وهو مستخدم في نظام القوات الجوية الأمريكية القابل للنقل لتحويل بقايا البلازما إلى طاقة كما في حقل هلبرت بولاية فلوريدا. وإلى جانب المصانع الكبيرة، توجد أيضاً المحارق المحلية لتوليد الطاقة من النفايات بطريقة التغويز، كمصنع توليد الطاقة في ملجأ دي سارين على سبيل المثال.
ومن الطرق الأخرى إنتاج الغاز الحيوي من النفايات العضوية. فمن المعروف أن إنتاج الغاز الحيوي يتم حالياً من مكبات الصرف الصحي. ولكن عملية الإنتاج تستغرق وقتاً قد يزيد على عشرين سنة تتراكم خلالها أطنان وأطنان من النفايات العضوية.
ولتسريع عمليات التحلل اللاهوائي التي تنتج الغاز الحيوي فقد تم تصميم معامل تعتمد على استعمال حرارة مرتفعة نسبياً لتحفيز الكائنات الدقيقة المسؤولـة عن التحلل. وبذلك فإن العمليــة التي تحتاج إلى سنــوات قد تتم في أيام قليلة، وهذا ما يزيد من مردود الطاقة ويقلل الحاجة إلى مساحات واسعة من الأراضي لإنشاء مكبات جديدة.
وفي المستقبل القريب سنرى استخدامات لما نعتبره مهمل وغير نافع وهذه الاستخدامات تقلل من كمية النفايات وتحولها إلى أشياء ذات نفع عائد على الإنسان نفسه.
اضافةتعليق
التعليقات