الثالثة فجرا، استيقظت مذعورة، مازال هذا الكابوس يراودني منذ ثلاث سنوات، لا أعلم لم لازلت أشعر بالذعر منه، من المفترض أني اعتدت، في كابوسي هذا أرى نفسي وسط المجهول، وسط فراغ كبير من الظلام، وحدي، أسمع فقط صوت شخص (يبدو لي أنه صوت رجل طاعن في السن) ينادي سأجدك اينما ذهبتي، اينما هربتِ سأكون خلفكِ، يبدأ حينها الظلام بالازدياد ولا أسمع سوى وقع ضربات أقدام مسرعة..
ها قد بدأ بالركض لكن لم تبدو خطواته كأنها خطوات شاب عشريني، إنه يلاحقني بسرعة، لم تعد تعينني قدمي، لا أشعر بهما حقا، ها قد توقفتا عن الركض، يا الله ليس الان، ليس هنالك من فائدة فقد توقفتا كعجلات مكينة زراعية متصدئة من كثرة العمل، أشعر بثقل يديه على كتفي، يده ثقيلة جدا، لا أملك جرأة الالتفات..
"لم تتعبين قدميك الصغيرتين بالركض هكذا.. تعلمين أني سأصل" ثم يبدأ بلفي نحوه لأستيقظ بعدها لاهثة وحرارتي عالية، لم لا أستطيع الهرب من هذا الكابوس الغريب، لم أستطع العودة للنوم هذه المرة، نهضت من فراشي لأستحم، أخاف أن أغمض عيني عند الاستحمام، اخاف ان يعاودني ذات الكابوس، ألغيت قيلولة الظهيرة مذ بدأ يراودني، جرعة رعب واحدة في اليوم تكفي..
إنها السابعة، قررت الخروج من المنزل مشياً للعمل هذه المرة، استوقفت طريقي إشارة المرور، "تحركي يا ابنتي"، حسنا لتكن مزحة أرجوكم، ذات الصوت، يكاد قلبي أن يقف الآن أو ربما يكون قد توقف أساسا، ذات الصوت الذي أصابني بالأرق لثلاث سنين ها هو خلفي، استدرت قليلا لأختلس النظر لوجهه، تأتينا لحظات نشعر أن الزمن يتوقف، أننا فقط في هذه اللحظة محتجزين لا نستطيع الحراك، شلل الصدمة، أعرف هذا الوجه، أعرف هذه الندبة فقد احدثتها سكينة أبي التي ورثها عن جدي، هذه الندبة التي حدثت نتيجة شجار كبير حدث بين هذا الرجل وبين أبي، هذا وجه قاتل أبي، لم أعلم أنه قد تم اطلاق سراحه، ركضت مسرعة هاربة منه، لم ألحظ الإشارة، يبدو أنه كان محقاً، لا داعي للهرب ف هو قربي دائما..
لم أبي هنا، أظنه جاء لأخذي معه، كم اشتقت!
كومة من الناس فوق جثة فتاة مضرجة بالدم ممددة على الأرض وصوت رجل ينادي: ليتصل أحدكم بالإسعاف أرجوكم بسرعة..
اضافةتعليق
التعليقات