غزو الإعلام وهيمنته على عقول الجماهير وتفاعلهم معه يجعل منه سائس يوجه من يريد ولأي اتجاه يحب، هذه السيطرة من المفترض أن تؤطر بإطار واقعي حتى لا تبخس حق أحد.
عالم الصحافة والإعلام واسع وبحكم تعدد الصحف والقنوات الإعلامية واختلاف الإتجاهات والرؤى الخاصة بكل منها سوف تتعدد الأخبار وأحيانا تضيع المصداقية؛ لأن كل حزب بما لديهم فرحون ومن هذا المنطلق فكلٌّ يتبع ويحسن من يرأسه.
صورة التعليم من الصور التي ينبغي تسليط الضوء كونها تمثل واجهة ثقافية للبلد فهي منطلق الثقافة الأول فما هو دور الإعلام في إظهار إيجابيات وسلبيات التعليم؟
سؤالٌ تم طرحه على مجموعة من العاملين في هذا الشأن، فقد فصلت سعاد البياتي_ رئيسة تحرير_ بإجابتها قائلة: يعد الاعلام من أكثر وأقرب الوسائل التصاقا" بالفرد، كون أدواته متوفرة في أغلب الأماكن، البيت، الشارع، المؤسسة والانسان نفسه وعلى مدار الساعة، لأن وسائل الاعلام تمتلك المقدرة على منح الطلاب كل ما هو مفيد، من برامج تعليمية وحلول للمنهج الصعب، وعرض الوسائل التعليمية الخاصة بالمنهج، تفعيل فكر الطالب والارتقاء به نحو النقد والابتكار، كذلك إبراز موهبته وكفاءته العلمية والتربوية في وسائله المتعددة أبرزها الفيس بوك الواسع الانتشار، وهذا الحديث كله يصب نحو الدور الايجابي.
أما تأثير الاعلام السلبي فهو يتحدد بالدرجة الأساس حول خطورة استخدامها لأغراض سيئة، كهدر للوقت والصحة، فالصحافة تلعب دورا "كبيرا" و"مميزا" في تقويم العملية التربوية أو هدمها، وإبراز سلوكيات الكادر التعليمي والاداري في اليوم الدراسي، وهذا بدوره له تأثير على إسقاط العملية التربوية، بينما إن الحالات السيئة فالسلوكيات تكون قليلة نوعا ما.
وختمت موضحة: إن للصحافة والاعلام دورا كبيرا في بناء حدود تربوية جادة من خلال التفاعل مع الحالات المتفوقة والمبتكرة وابرازها، وبالعكس مع الحالات التي تسبب هدما لها من خلال رصدها والتنويه عنها.
وقال الأستاذ أحمد العنزي (رئيس مؤسسة همم للخطاب الإعلامي): إن ابتدأنا من حيث انتهى السؤال (عكس صورة التعليم) فهذا هو الاعلام الانعكاسي الذي ينقل صورة الحدث وفي تقديري إنه غير فاعل.
أؤمن بالإعلام الذي يوجه الرأي العام ويتحرك بأكثر من اتجاه للتأثير في الجمهور نحو الأفضل بمعنى أن يؤثر كوسيلة وكرسالة نابعة من ايمان القائم بالاتصال. ويتحقق ذلك عبر طرق عدة، منها الإفادة من خبرة قادة الرأي من خلال استضافتهم (وأنتم من خلال هذا التحقيق تستخدمون هذا الأسلوب الإقناعي من خلال نقل وجهات نظر بعض الشخصيات التي تعتقدون أنها مؤثرة بالجمهور) وكذلك التواصل مع الجمهور ليس باعتباره متلقٍ فقط، بل بإيلائه دورا مهما عبر إذابة الحدود فيكون المتلقي مرسلا والعكس صحيح، حينئذ سيكون الإعلام بكل وسائله قائدا للرأي وموجها للجمهور سواء في التعليم أم غيره من الركائز التي نسعى لترسيخها في دولة المؤسسات.
وأجابت وصال الاسدي_ إعلامية_ : من المفترض أن يكون دور الاعلام ايجابيا في دعم العملية التربوية والتعليمية كما هو الحال في الدول التي نهضت من تحت ركام الحرب، فإن الدعم لهذا القطاع كان من جميع الجهات لأنه اللبنة الاساسية لتحريك عجلة التقدم، واليوم في العراق للأسف إن الاعلام سلبي في كل المفاصل وليس في دعم التعليم فحسب، فمنذ 2003 وإلى اليوم الانهيار حصل ليس للبنى التحتية فقط بل والقيمية للفرد، فأغلب الاعلاميين اليوم يبحثون عن السلبية لإثارة عواطف الناس وتحقيق مشاهدات عالية، إلا إنهم لم يفكروا في كيفية حل هذه المشاكل بطريقة ما تشعر المجتمع بالتكافل والتكاتف.
إذ لا يخفى على أحد أنه لا يوجد إعلام حر ومستقل في العراق، وتلك بحد ذاتها أكبر مشكلة تواجه عمل الحكومات، إذ إننا اليوم نفتقر إلى الإعلام الداعم للمناهج للترغيب في رفع المستوى التعليمي للأجيال، نفتقر إلى مسرح المناهج، إلى البرامج التعليمية، ترك الاعلام وظيفته التعليمية الجاذبة للأولاد، الاعتماد على السطحية والشكلية وغياب المضمون الحقيقي.
وتابعتْ الأسدي: ربما يستمر الحال على ما هو عليه إذا ما دعمنا وطالبنا وانتزعنا حق أن تكون وزارة التربية والتعليم سيادية، أي لها الأولوية بالتخصيص المالي وتنمية مواردها البشرية، وتعزيز ثقافة التعليم ببرامج هادفة ودعم العوائل المتعففة لزج أولادهم في المدارس بدعم الدولة وتكاتف المجتمع، لدينا اليوم في كربلاء تخرجن ست طبيبات يتيمات بدعم إحدى المؤسسات، لكن الإعلام لا يبحث عن هذه القصص الناجحة، بل سلط الضوء على القضايا السلبية فقط.
فيما قال حيدر السلامي _ كاتب وإعلامي_: بات الاعلام يلعب دورا خطيرا في كل مناحي الحياة لاسيما التعليم وهو القطاع الأهم برأيي لأنه يصاحب التربية وغرس القيم الأساس في روح وعقل الناشئة، وما نلاحظه اليوم أن الإعلام العراقي لم يؤد رسالته بالصورة المطلوبة إزاء العملية التعليمية فهو لم يتبن الدفاع عن إلزامية التعليم ومجانية التعليم وحقوق المعلم ومكانته الاجتماعية ولم يكرس الاهتمام بوسائل التعليم الحديثة ولم يدخل بوسائله ووسائطه المتعددة في خدمة العملية التعليمية ولم يطالب بقوة في إصلاح البنى التحتية للتعليم بل راح يساهم بشكل وآخر في تعزيز ونشر التعليم الأهلي ما يعني تحطيم أهم ركائز التعليم العام أو الحكومي، فتحولت أنظار المجتمع والقائمين على التربية والتعليم والمهتمين بها وكذلك أولياء الأمور إلى خصخصة التعليم بدلا عن تطوير التعليم العام.
وأضاف السلامي: لقد كان الأداء الإعلامي في هذه النقطة ضعيفا إن لم نقل سلبيا، كان الأحرى بالإعلام أن يدافع عن قضايا التعليم العام ويقف بوجه الخاص لكي يحد من ظاهرة العزوف عن مقاعد الدرس وبالتالي نزول الأطفال إلى الشارع الذي جعل منهم قنابل موقوتة تهدد السلم الاجتماعي وفرائس سهلة للأفكار المتطرفة والإرهابية والتيارات المنحرفة عن الجادة القويمة.
أوضح محمد الميالي_ كاتب وإعلامي_ رأيه قائلا: بُنِيَتْ الدوائر الاعلامية في العراق ما بعد السقوط بشكل عشوائي، حيث تعددت المؤسسات وكانت بحاجة لتأسيس أقسام اعلامية فيها وما كان أمامها سوى شخصيات توهمت وأوهمت البسطاء بأنها اعلامية وقادرة على قيادة هذه الأقسام، وصدرت الصحف وبثت الاذاعات والتلفزيونات برامجها البائسة والتي مازالت تحت هذا التأثير الوهمي رغم تطور نسبي في بعضها وعند بعض الأشخاص وكل هؤلاء يتأثرون في الدعاية وخاصة ما تتناقله صفحات التواصل الاجتماعي، لذلك لا تستطيع عكس صورة الجانب العلمي الذي يحتاج لأدوات بمستواه حتى تتمكن من الحديث عنه. هناك تطور كبير في المستوى العلمي في الجامعات وخاصة التي تواكب الحركة العلمية العالمية من خلال اتصالها بكبرى الجامعات.
وقال محمود دخيل_ إعلامي_: الإعلام له دور مهم في رفع مستوى التعليم إذا وظف فيما يخدم المسيرة التعليمية بشكل صحيح من خلال مواكبة الحدث التعليمي بصورة متطورة والعمل على رفع مستوى المناهج التعليمية بالقياس مع التعليم العالمي أي يمكن للإعلام عكس صورة التعليم المحلي على واجهة الدول العربية والعالمية من وإلى العراق وكذلك أن يوظف الاعلام بصورة سلبية إذا استخدم بشكل سيء ووقعت أدواته المهنية بأيادي غير كفوءة.
وكان لغزوان المؤنس_ إعلامي_ رأيا: للإعلام دور كبير في رفع مستوى التعليم، من خلال تقديم مادة إعلامية تخدم مجال التعليم، هذا الدور يختصر في تقديم البرامج التعليمية لا سيما البرامج الخاصة بالمحاضرات التربوية. إضافة إلى إيصال ما توصل إليه العالم الخارجي في مجال التطور الكبير في التعليم ومعرفة الطرق الحديثة في طرائق التدريس المستخدمة في دول العالم. وكذلك تشجيع الطلبة على التفكير، والتحليل، وتعريفهم بسبل ووسائل حل المشكلات المختلفة. وأيضا معرفة الأخطاء الموجودة في المناهج التعليمية، وكيفية معالجتها ووضع الحلول لها من خلال المختصين مع ايضاح للطلبة مخاطر الجهل وتغييب العقول لدى تلك الشريحة.
اضافةتعليق
التعليقات