آثار التعب والارهاق قد أخذت قسطاً بين تقاسيم وجهها فلم تمضِ خمس ثواني دون أن تطلق أنفاسها لحن الضجر والملل، وهذا ما جعل زوجها تبدو ملامح الارباك واضحة عليه وازدياد قلقه من ذلك المنظر.
أخذ يفكر بطريقة لاخراجها من تلك الزاوية التي سكنت فيها زوجته وجعلها هكذا تبدو، لم ينتظر كثيراً، دنت خطواته نحوها، مد يده نحو كتفها وابتسم بحب أمامها وأخذ يواسيها، كيف لأميرتي أن تبدو بكامل أناقة حزنها وأنا لا أفعل شيئاً فهل تقبلين بالخروج معي إلى التسوق الآن.!
أجابت بابتسامة خفيفة تعلو ثغرها: لا أريد أن تطرح خيار التسوق من الآن فكلما هممت به تذكر أن هناك صندوقا ينتظر منك ذخيرة يحتاجها جيل أنت قائده لينعموا بمستقبل مزدهر.
تتميز أغلب النساء بذات الطابع المحب للتسوق والخروج إلى السوق وحتى في حال لم يمتلكن الكثير من النقود إلا أن غريزة التسوق لديهن لا تتوقف عن العمل، وهذا ما يجعله خياراً للرجل عندما تنشأ بينهم بعض المشاكل فيعتبرون المال سبباً لذلك، أما في الطرف المقابل هناك من تضع لكل خطوة تخطوها جدولاً حسابياً كي لا ينفذ وقودها المالي على حين غفلة منها متأثرة بما تراه أمامها..
وهذا الأمر لا يحتاج إلى تعليم اكاديمي أو دراسة معينة فقط يعتمد على مهارتها في التفكير التي يعتمدها العقل في كيفية ادارة أمورها، لأن الجميع يتميز بإمكانيات عظيمة لكن ما يمنعنا من استغلال تلك الامكانيات هو ضعف الايمان في الذات وكذلك نقص الثقة بالنفس ولكن على درجات متفاوتة.
فالاسراف في الشراء قد يكون لأجل أن تشبع فراغ ذاتها أو لإبراز ثروتها أمام الاخريات، ومهما حصلنا في حياتنا على تقييم جيد سواء في الجامعة أو العمل فإن ذلك لا يعني أنه مقياس التفوق في الحياة، لأن الحياة الواقعية تختلف تماماً عن تلك النجاحات الممكنة وهذا يتطلب تحقيق شي أكبر من النجاح عادةً ما يسمى الذكاء لأنه بالتالي هذا مايقدر مستقبل الفرد ويحدد نجاحه.
الأفراد بطبيعة الحال يتعلمون العمل لأجل الحصول على المال وبذلك فإن مايقع تحت أيديهم دون هدف يهدر بسهولة تامة لكن إن جعلوه مسخراً لتلبية احتياجهم فلن تعاني الأسر الفقر ولن تأخذ المرأة الأمر مجرد وسيلة للترفيه، لأن النساء هن الأكثر تدبيرا لأمور المنزل وتلبية احتياجاته فتكون الادارة المالية تحت سيطرتها باعتبارها العمود الأساس والمهندس المالي للوضع الأسري.
وباستطاعتها أن تتلافى أي عائق قد يحدث اضطرابا في استقرار الوضع المادي في البيت وبالتالي تستطيع توفير ماتحتاجه الأسرة من خلال قياس احتمالية فقدان الأموال دون ضرورة مجدية فهي بذلك تعمل على وضع الأسس التي يسير عليها الأولاد في المستقبل.
هذا ماعرفناه عند نساء الجيل الجميل الذي سبقنا فهن من زرعن بذور التدبير والاستثمار بتلك الفطرة التي تكسو عقولهن واليوم هم مثالاً للكثير، لقد انطلقن من مشاريع استثمارية جداً صغيرة لم تكن تخطر على بال أحد أنها ستعود بذلك النفع عليهن، واستطعن أن يساندن الرجال في تدارك المنعطفات الفجائية التي قد تجعل الفرد يعيش في دوامة القلق والخوف من الفقر.
وفقاً لما تقدم نجد أن النظرة التي لدى الجميع أن النساء لهن رابط وثيق مع التسوق وهدر الأموال وهذا ما نراه فعلا لكن هناك قسم استطعن أن ينفردن عن أقرانهن من النساء بمعرفة كيفية الادارة المالية، من خلال عاملين متوفرين لدى الجميع ولكن ليس باستطاعة الجميع معرفة كيفية استغلالهما بشكل صحيح وهما:
الوقت والعقل، هذان الملكان لك فقط أنت من يستطيع أن يسخرهما لصالحه من خلال تغذيتهم ومداراتهم فيما يقتضي عليك ذلك، فالوقت نستطيع أن ننجز به ما قد تكاسلنا عنه في وقت مضى وانجازه ضمن فترة وجيزة ليتسنى الاستفادة من الوقت المهدور لأجل صالحه من خلال قراءة كتب أو الاشتراك في الدورات أو التعرف على اشخاص استطاعوا أن يستغلوا أوقاتهم لتعرف كيفية ادارة الوقت بصورة صحيحة وتضمن الاستفادة منه وبالتالي تستطيع نجاز المشاريع التي تسهل حصولك على المال خلال وقت قصير جدًا.
أما العقل فهذا نعمة لا تقدر بثمن فهو من ينهض بالانسان إلى أعالي القمم من النجاح والتقويم على جميع الأصعدة فتطويره ومحاولة تنظيم الأمور بشكل متوازن وعدم التبذير وجعل تصرفاتك ضمن أطر محددة وصرف المال للضرورة التي تستوجب ذلك يضع المرء ضمن قائمة الأثرياء أو الأذكياء مالاً.
بمعنى آخر وببساطة إنها توفر فرصا أكثر، وتزيد من مساحة الخيارات التي باستطاعتك الوصول إليها حتى في حالة حصول اخفاق مفاجئ لأنه يجب أن تتمتع بالابداع لحل مشاكلك المالية دون أن تجعل هذا الاخفاق يؤثر بكل بشكل كبير وبالتالي تفقد عزيمتك في ادخار الأموال التي بحوزتك مهما كانت قيمتها لأنها تعد وقود الأيام الخالية والصعبة.
فمن الضروري أن يكون صندوق الوقود مليئا دائماً لأننا نعيش رهن الظروف ولا نجد شخصاً قد ضمن ظرفه، ترى من منا قد استعد لمواجهة تلك العواصف المالية المفاجئة وضمن نفسه في ظل الأزمات؟!
اضافةتعليق
التعليقات