نحن في بداية "الشهر الوردي".. الشهر الذي يكتسي فيه العالم بلون الزهري أو اللون الوردي، فنجد العديد ممن يرتدون هذا اللون طوال شهر أكتوبر، دعمًا منهم لمرضى سرطان الثدي، أو قد يكنَّ مريضات وتماثلن للشفاء، أو لازلن يتلقين العلاج، وفي كل الأحوال فإن السيدات كلهن، متعافيات أم مريضات، أو اللواتي لم يزرهن المرض، يتكاتفن في هذا الشهر ويلتففن بالوردي، لدعم ومساندة بعضهن بعضًا.
وإذا تطرقنا بصورة أعمق حول سبب تخصيص هذا الشهر للتوعية حول سرطان الثدي، أو سبب تسميته بالشهر الوردي، سنجد أن تلك القصة تمتد جذورها لـ 33 عامًا، حيث إنه في عام 1985 تأسست مبادرة مشتركة بين جمعية السرطان الأمريكية وقسم الصيدلة في شركة "Imperial" للصناعات الكيميائية، وعندها دعمت منظمة الصحة العالمية الفكرة لتطبيقها في كافة أنحاء العالم على اعتبار أن سرطان الثدي يعد رقم اثنين في أنواع السرطانات الأكثر انتشارًا بين النساء، وبدأ العمل بتطبيق تلك الشركات دوليا في عام 2006.
ومنذ 26 عاما مضت جاءت فكرة تخصيص شهر أكتوبر ليكون الشهر الوردي الذي من خلاله نقوم برفع الوعي لدى السيدات، حول طرق اكتشاف السرطان المبكر، والذي تكون نسبة الشفاء فيه عالية جدًا في المراحل الأولى، فنسبة الشفاء من سرطان الثدي في الحالات التي تم اكتشافها مبكرا تصل إلى 98 % وفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، علما بأن واحدة من بين كل 8 سيدات تصاب بمرض سرطان الثدي، وهي نسبة كبيرة جدًا، والعديد منا يتغافل عن الكشف، ومن المفترض أن يكون الكشف اليدوي من منتصف العشرينات، وبعد الثلاثينات تبدأ المرأة بالاهتمام بشكل أكبر والحرص على كشف الماموغرافي.
ومن خلال شهر أكتوبر تقوم كل الدول تقريبا بعمل لقاءات، وندوات، وورش عمل واحتفالات للتوعية حول أهمية الكشف المبكر والاحتفال بالمتعافيات، والتعرف على قصصهن، للاستفادة منهن، ودعم ومساندة أخريات مازلن يتلقين العلاج، داعيات لهن بالشفاء.
والجدير بالذكر أنه في مطلع التسعينيات تم اختيار "الشريط الوردي" ليكون علامة لسرطان الثدي.
حيث تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن هذا الشهر يساعد على زيادة الاهتمام بهذا المرض وتقديم الدعم اللازم للتوعية بخطورته والإبكار في الكشف عنه وعلاجه، فضلا عن تزويد المصابين به بالرعاية المخففة لوطأته.
وسرطان الثدي هو أكثر أنواع السرطان شيوعا بين النساء في بلدان العالم المتقدمة وتلك النامية على حد سواء، وتبيّن في السنوات الأخيرة أن معدلات الإصابة بالسرطان ترتفع في البلدان المنخفضة الدخل وتلك المتوسطة الدخل بسبب زيادة متوسط العمر المتوقع وارتفاع معدلات التمدّن واعتماد أساليب الحياة الغربية.
تقول المنظمة: «هناك فرصة كبيرة في إمكانية الشفاء من سرطان الثدي في حال كُشِف عنه في وقت مبكر وأتيحت الوسائل اللازمة لتشخيصه وعلاجه. ولكن إذا كُشِف عنه في وقت متأخر فإن فرصة علاجه غالبا ما تكون قد فاتت، وهي حالة يلزم فيها تزويد المرضى وأسرهم بخدمات الرعاية الملطفة تخفيفاً لمعاناتهم».
ويشدد المختصون على ضرورة الفحص المبكر عن المرض، لهذا السبب فإن جسّ الثدي من قبل طبيب مختص بشكل دوري ومنتظم يعتبر جزءا لا يتجزأ من برامج الكشف المبكر عن السرطان، لكن هذه الطريقة في الكشف غير دقيقة تماما، لأن الكثير من الأورام لا يمكن جسّها إلا عند وصول حجمها إلى حوالي سنتيمترين اثنين.
تعريف مرض سرطان الثدي:
سرطان الثدي هو مرض خبيث يحدث نتيجة خلل في خلايا الثدي التي تتكاثر بشكل غير طبيعي مكونة أوراماً وتغيرات في نسيج الثدي تظهر على المدى البعيد، وينتشر سرطان الثدي إذا ما تم الكشف المبكر عنه إلى جميع أجزاء الثدي ومن ثم إلى باقي أعضاء الجسم.
وحول إحصائيات سرطان الثدي بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن الإصابات السنوية الجديدة بسرطان الثدي تقدر بـ ١.٣٨ مليون إصابة سنوياً، وأن ضحايا هذا المرض الذين يفقدون حياتهم يُقدرون بـ ٤٥٨ ألف شخص سنوياً من جراء الإصابة به (وفقاً لتقديرات موقع Globocan الشبكي 2008، التابع للوكالة الدولية لبحوث السرطان). ولا تقتصر الإصابة بسرطان الثدي على النساء فقط، بل إنه قد يُصيب الرجال أيضاً!
ولاتزال أسباب الإصابة بسرطان الثدي غير معروفة، إلا أنه تم الكشف عن عدة عوامل مشتركة للإصابة بسرطان الثدي منها الوراثة، والسمنة، والتلوث البيئي، والعلاجات الهرمونية، إضافةً إلى شرب الكحول.
أنواع سرطان الثدي
ينقسم إلى نوعين رئيسين وهما سرطان قنوات الثدي وسرطان الثدي الفصيصي، بالإضافة إلى وجود 18 نوعا فرعيا، وأكثرهما انتشارا هو سرطان قنوات الثدي، بينما يشكل سرطان الثدي الفصيصي 15% من سرطانات الثدي.
وهناك نوعان فرعيان لسرطان الثدي الفصيصي منها النوع التقليدي وتوقعات سيره أحسن بكثير من النوع الفرعي الآخر، وهو متعدد الأشكال، وفي بعض الأحيان يكون النوعان الرئيسان وهما سرطان قنوات الثدي وسرطان الثدي الفصيصي موجودين مع بعضهما في نفس الثدي.
وطريقة انتشار المرض تعتمد على نوعه، وفي حالة الشك في نوع السرطان هل هو فصيصي أم لا يتم القيام بتحليل كيميائي هيستولوجي مناعي باستخدام أجسام مضادة معينة تتفاعل بشكل إيجابي مع النوع الفصيصي.
كيفية تشخيص المرض؟
يتم تشخيص المرض عن طريق أخذ عينة من الكتلة الموجودة على الثدي لفحصها، بعد ذلك تُجرى عدة فحوصات لمعرفة ما إذا كان المرض قد انتشر ثم يحدد نوع العلاج الملائم.
أهمية حملات التوعية بسرطان الثدي:
إن الكشف المبكر عن سرطان الثدي الخبيث هو السلاح الوحيد لمحاربته والنجاح في علاجه، ومن هنا تكمن أهمية حملات التوعية بسرطان الثدي لرفع المعرفة المجتمعية بأعراضه وآلية علاجه، الأمر الذي يرفع نسبة الشفاء والتعافي منه للبقاء على قيد الحياة.
والتمكن من اكتشاف أعراض سرطان الثدي المبكرة يعني علاجه بأقل قدر من الأضرار السلبية التي تحدث عند التأخر بالكشف عنه كاستئصال كامل الثدي، أو العلاج بالجرعات الكيماوية.
وقد تبنت العديد من المنظمات الدولية منها منظمة الصحة العالمية أنشطة وحملات توعوية حول مرض سرطان الثدي، حيث تنفق هذه المنظمات سنوياً ملايين الدولارات في سبيل نشر المعرفة عامةً وللنساء خاصةً في جميع دول العالم بما في ذلك النامية منها، وتنشط معظم هذه الحملات بصورة أكبر في شهر أكتوبر الوردي لكنها لا تتوقف أبداً في باقي شهور السنة.
كما أن العديد من الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي إلى جانب بعض الوجوه الإعلامية الناجحة تتبنى الأمر وتقوم بتوعية النساء للكشف المبكر عن سرطان الثدي في شهر أكتوبر الوردي من كل عام.
وإن الهدف الأول من هذه الحملة هو التوعية بضرورة الكشف المبكر، فيجب على كل النساء أن تعي خطورة هذا المرض وإن الكشف المبكر ليس في مصلحتها وحدها بل في مصلحة أسرتها .
وختاماً، فإن التوعية للكشف عن سرطان الثدي المبكر لابدَّ أن تتحول إلى مرحلة الإجراءات الفعلية، ونعني بذلك أن تقوم كل فتاة وسيدة بإجراء الفحوصات الدورية الذاتية بشكل شهري، والفحص الدوري عند الطبيب بشكل سنوي، وأن تعتني بطبيعة غذائها لتحمي نفسها من البدانة أو النحافة مع ممارسة التمارين الرياضية، فالوقاية خيرٌ من العلاج.
اضافةتعليق
التعليقات