وجود العجلة لا يعني دورانها، فلو أنك موجود جسدياً أو مادياً في المكان هذا لا يعني أنك حاضر فالحضور المعنوي يختلف عن الحضور المادي أو الفيزيائي وهو مرادف للتأثير على الموجودين وإمكانية لفت الانتباه من دون أفعال تدعو لذلك سواء أكانت أفعال طفولية أو رفع الصوت أو غيرها من الحركات التي قد تُنفر الموجودين منك أو تترك إنطباعاً.
فالحضور الشخصي أو المعنوي هو تأثير صفات معينة على الآخرين بشكل ملموس تعطي وتتلقى الاحترام كما أن الحضور هو أن تتبنى مَلكة عيش اللحظة، وذلك يضم الإنصات بمهارة، التفاعل الحسي ذلك يخلق ويرسخ نوعاً من الطمأنينة الذاتية والتأثير على المقابل الذي يتيح لك التواصل مع شخص أو جماعة بصورة عملية وفعالة ويمكن أن يكون الحضور في بساطة التعبير المرسوم دوماً على وجه الشخص، فصاحب الوجه الصخري ينفر الناس منه قبل حدوث أي نوع من أنواع التواصل.
كذلك، فإن الشخص الانطوائي الساكن ينفر الناس منه أيضاً ويعتبر نوع من الرفض الاجتماعي التلقائي من قبل الآخرين.
لكن الحال يختلف جذرياً مع صاحب الحضور والكرزما "المسيطر على الموجودين ولو كان صامتاً" علماً أن المظهر مهم جداً خاصةً اليوم في عصر الصورة لابد أن يركز الإنسان على مظهره الخارجي وترتيب ثيابه بنسبة ليس من الجيد التغافل عنها، لكن العنصر الأساسي للحضور الإيجابي -أو العنصر الذي نتحكم فيه على الأقل- هو السلوك الودود المنفتح، الوجه البشوش، الابتسامة الطبيعية اللطيفة وغيرها من التفاصيل التي تبعث طاقة إيجابية جذابة للآخرين.
في الحياة اليومية، تعد الكاريزما واحدة من المفاهيم مبهمة التعريف والفهم والتي نفكر فيها على أنها مألوفة ولكنها تبدو مستعصية على التعريف المبسط ونحن نعلم أنه في الطرف الأدنى من نطاق الكاريزما هناك أناس يبدو أنهم لا يمتلكون إلا أقل القليل من الطاقة الاجتماعية، وهم أولئك الذين يصفهم علماء النفس بأنهم لا يخلفون وراءهم بعد التواصل مع الآخرين سوى تأثير سطحي للغاية، وموقف منفرد، سواء من ناحية التعبيرات أو اللغة أو الطاقة البدنية.
هذا التقديم سطحي التأثير للذات ناشئ بشكل نموذجي عن منع داخلي، وكبت للطاقة العاطفية للشخص وهو يرتبط كذلك في العادة مع تدني الإحساس بقيمة الذات كما أن نطاق التنوع على امتداد نطاق الكاريزما -وبالأخص أقصى درجاته- يصعب الإحاطة به، وبوسعنا أن نفهم الكاريزما بشكل أفضل من خلال النظر إلى ثلاثة أشكال من أشكالها المميزة وفقاً لتأثيرها.
هناك الكاريزما "الرسمية، الصناعية، المكتسبة". ولكل قالب حدوده وخصائصه وطقوسه.
الكاريزما الرسمية هي التي يتخذها السياسين ورجال الأعمال وأصحاب الشركات ومندوبي المبيعات وغيرهم من الذين يعملون في أحد هذه التخصصات.
أما الكاريزما الصناعية فهي التي يمتلكها الممثلين، الفنانين، المغنين، المخرجين وغيرهم ممن يعملون في هذه المهن الفنية أو ما يتعلق بها.
الكاريزما المكتسبة التي يجب على كل من يرغب في النجاح ويطمح للتفوق في جوانب حياته الدراسية أو المهنة وحتى الاجتماعية والأسرية فإن الكاريزما المكتبسة في هذه الأعوام هي قادرة على جعل الشخص يرتقي أو يُهمل كما أنها مفتاح لتوظيف ما يمتلكهُ الفرد من الشهادات والكورسات وغيرها.
يُعد جوهر الكاريزما الحقيقية المكتسبة هو طبيعة ما يعتمل داخل النفس وانعكاس لهُ، فأولئك الذين يرون شخصاً ما على أنه واثق بنفسه، وجدير بالإعجاب، وجذاب بشكل مثير ربما لاحظوا العلامات الخارجية المرئية لما يعتمل في نفس ذلك الشخص من التزام داخلي تجاه الحياة.
وينطبع لدى المرء إحساس بالطمأنينة والراحة كما فعلا أتباع القادة الروحانيين -غاندي أو الأم تريزا- كانوا ليفعلوا ما فعلوه ويصلوا إلى ما وصلوا إليه بغض النظر عن اتباع الآخرين لهم من عدمه وهذه صفة مهمة لابد التركيز عليها ويكمن التناقض في أن الناس اتبعوهم لا لأنهم يقودونهم، ولكن لأنهم يعلمون حقيقة أنفسهم وأهدافهم التي يريدون تحقيقها.
وهذا ما استطاع آل بيت النبوة (عليهم السلام) قادتنا الروحيين إيصالهُ لنا بأنهم حاضرين معنا وكذلك الله عز وجل حاضر معنا وإنهُ أقرب إلينا من حبل الوريد ولكن بالمقابل كم هي درجة حضورنا؟ وهل فعلاً نحنُ حاضرين بكل جوارحنا في أثناء قيامنا بالعبادات؟ كما نكون حاضرين في الأشياء التي نحبها أمام فلم أو مسلسل وغيرها.
قد تكون أساس نجاحاتنا الدنيوية هي حضورنا الحقيقي فيها تبعاً لرغبتنا الفعلية لها ولكن السؤال هنا، لو متنا هذه الليلة هل سنُسجل حاضرين أم موجودين مع الله؟ قف بين يدي الله وراقب نفسك عندها ستجد الإجابة.
اضافةتعليق
التعليقات