كل البشر على هذه الأرض، على اختلاف مللهم ونحلهم وأديانهم وألوانهم، يدركون أهمية القراءة ولا ينكرونها، لكن أغلب الناس بالرغم من ذلك لا يمارسونها، وذلك لأنه وبحسب ما يقوله علم النفس فإن كل إدراك عقلي مهما كـان نـوعـه، لا يصبح محل تطبيق إلا حين يكون مرتبطا بشكل وثيق بحاجة أساسية من الحاجات التي أوردها الـعـالـم الأمـيـركـي أبـراهـام مـاسـلـو( ۱۹۰۸ - 1970) في نظريته الشهيرة عن سلم الحاجات. وكـذلـك القراءة ، فما لم يشعر الإنـسـان بأنها ترتبط بحاجة من حاجاته الأساسية مثل حاجاته الفسيولوجية أي حصوله على المأكل والمشرب والمسكن وما أشبه، أو حاجته للشعور بالأمان الفيزيائي والنفسي، أو حاجته للإشباع الاجتماعي كحصوله على الأصدقاء والأحبة، أو حاجته للشعور بتقدير الآخرين له والإشادة بفضله، أو أخيراً حاجته لتحقيق ذاته والنجاح في الحياة وبالتالي شعوره بالرضا عن نفسه، فإنه لن يمارسها ولن يحرص عليها.
القـراءة وتوفيـر حـاجـات الأمـم
وهكذا فكلما زاد شعور الإنسان بارتباط القراءة بحاجاته المختلفة زاد اقترابه من القراءة والتعلم، والأمم التي نراها وقد علت وارتفعت عن غيرها، دائمًا ما تكون هي الأمم التي أدركت الارتباط الوثيق للقراءة بتوفير الحاجات المختلفة للأفراد والجماعات، وهكذا جعلت القراءة وطلب العلم منهجها وطريقها، وأما في الجانب الآخر فالأمم التي غفلت عن ذلك ولم تدرك أهميته ولم تحرص على القراءة صارت في آخر ركب الحضارة وفي أسفل سلم التقدم والرقي.
لكن المسلم، وعلى الرغم من اشتراكه مع أخيه الإنسان، مهما كان دينه، في إدراكه العقلي لأهمية القراءة وطلب العلم، وفي إدراكه النفسي لارتباط القراءة، وطلب العلم بتوفير الحاجات الأساسية المختلفة له، فإنه كذلك يتبع دينا يعتبر القراءة والتعلم الأداة الأساسية التي يجب أن يعتمد عليها المسلم المستخلف في الأرض من أجل تنفيذ وظيفته الأساسية التي استخلفه الله من أجلها على الأرض ألا وهي العبادة وإجراء شريعته سبحانه فيها وعمارتها.
الإسلام يخاطب أتباعه بـ (اقرأ)
في كتابه الذي جعل عنوانه "اقـرأ وربك الأكرم" يقول المفكر الإسلامي المعاصر جودت سعيد:
"كون" اقرأ" أول كلمة في آخر رسالة، إشارة إلى عهد جديد فـي الـنـبـوة وفـي أسـلـوب جديد في التلقي عن الله، إنها آيات الله في الآفاق والأنفس التي ستظهر للناس الحق، وهذه الآيات إنمـا تـحـفـظ دلالاتها بالعلم والقراءة، فبالقراءة يحصل الإنسان علم الأولين جميعاً. وبالقراءة يرقى الإنسان الدرجات العلا".
اضافةتعليق
التعليقات