يجب ان نرى لماذا أعرض أكثر الناس عن الحق وماهي الصعاب والشدائد التي تواجه أهل الحقّ في هذا الدرب؟
فـهل يستطيع من جعل همه إرضاء الناس واتباع مايسلكه الناس أن يصاحب فتية أهل الكهف؟
وهل يمكن مصاحبتهم دون التحرر عن التعلق بالأهل والاولاد؟
وهل يقدر من يخشى استهزاء الاخرين ويـحسب لكلام الناس الف حساب أن يركب سفينة نوح (عليه السلام)؟ مع ان القرآن يقول: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلّما مَرّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْه} (هـود:38), وهل يطيق اتباع حركة الانبياء وقد استُهزئ بـجميعهم؟... {يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ مايَأْتيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُن} (يـس:30), وهل يمكن لـمن لـم يقلع جذور العصبية القبلية والعشائرية من قلبه أن يعشق أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ويتّبع نهجه وقد قتل أقربائه وإخوانه في الحروب؟.
وهل يستطيع من تعوّد التكبر على الشباب والصغار أن يخضع لـولاية الانبياء والاوصياء إن كانوا شباباً؟.. وكيف يتبع حجج الله ويخضع لولايتهم من ابتلى بـحسد الاخيار وأصحاب الفضل والعلم؟. فإن كان اتباع الانبياء (عليهم السلام) وسلوك درب الحق بـحاجة الى التضحيات والمغامرات ولم يعتنق الحق إلا من تحلّى بـصفات عالية ونادرة, فلا يـمكن اليوم اتباع هذا النهج بالركض وراء الولائم والعزائم وحياة الراحة والدعة.
وإن كانت التضحية بالمال والنفس والسمعة ثمن اتباع الحق في زمن الانبياء(عليهم السلام) فلا يمكن ان يتغير هذا السعر وينزل الى مستوى الحضور بالمجالس والفواتح دون أي شيء آخر.
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنّةَ وَلَمّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الّذينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسّتْهُمُ الْبأْساءُ وَالضّرّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَ الرّسُولُ وَالّذينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنّ نَصْرَ اللهِ قَريب} (البقرة:214).
من المواصفات التي ميزت أصحاب الحق عن غيرهم هي انهم استطاعوا ان يستقلوا عن المجتمع على مستوى افكارهم وسلوكهم.
وهذه الصفة تحتاج الى شجاعة وإرادة لم يحصل عليها إلا القليل من الناس, إذ تجد أكثر الناس وكأنهم مسلوبي الارادة والاختيار أمام اهواء مجتمعهم وأفكاره ونزعاته.
نادراً ماتجد إنساناً يستطيع ان يجرد نفسه عن اهواء أبناء قومه ويفكر ويقرر من دون ان تفرض بيئته عليه قراراتها وأحكامها.
اضافةتعليق
التعليقات