في الطف تلي قرآن احكمت آياته وقرأت آية استوقفتني كنت انت تتلوها بدمع احمر! نعم، في الوهلة الأولى اصابني الهلع لرؤيتي لك واستغربت من لون دموعك الأحمر، كنت هناك في اراضي الشام احن ليد تمسح على رأسي تزيل عني يتم الزمن حين رأيت رأسك شعرت بدفئ يسري بأوصالي علمت أن لايتيم سوى من فقدك ومن لمس نظرة من عينيك شعر بأن حنان الكون يكتنفه ويغمره ولا ينقصه حنان اخر..
حين سماعي لتلك الآية لم تكن كسابقاتها شعرت بأنك تنعى لفقد شخص ما او عزيز غاب عن عينك ولم تعد تره بين ركب الثكالى، عندما كانوا يقرأون آية: (وليس الذكر كالانثى) التي ذكرها القرآن الكريم على لسان ام السيدة مريم حين وضعتها، أشعر بأن المرأة كائن ضعيف ولا يقوى على مايقوم به الرجال فكيف تدخل المعابد وتخدم الرب وهي انثى؟ وكأني بها ترى ان طفلتها لاتصلح لهذه المهمة الكبرى التي كانت تتأملها.
ولكن حين سمعتها من فمك كأنك كنت تنعى شخص ما شخص عظيم على رغم صغر سنه وتقول لرب العباد أن الانثى كائن رقيق ليست كالذكر فهي لاتتحمل هذا التعب ولا يليق بها، لم اكن اعلم ان ذلك الرأس فقد صغيرة له بتلك الخربة، حين انزلوه من على الرمح رحت مهرولة له مسحت عنه غبار الزمن ودم الحقد والأضغان ومسحت شفاهه الذابلة التي اذبلتها تلك الوعود الكاذبة، واذا به يتكلم، فزعت مرة اخرى ورجعت الى الخلف ولكن حنان تلك العينين شدني لذلك الرأس، قلت له مخاطبة من انت بحق الكعبة، قال لي وكلامه ينقط عطشاً اني والد لطفلة لم يراعيها الظلام واخرجوا رأسي امامها فغفت وهي معانقة لرأسي ولم تشتهي أن يوقظها واقع هؤلاء اللئام مرة اخرى، قال لي ذلك الرأس وانت اين والدك ياصغيرة؟
قلت وقد ملئت اطمئناناً من ذلك النور المهيب اني يتيمة ياعم منذ وقت بعيد اجوب في الطرقات كي اعيش ولا احد يشعر بمرارة اليتم إلا من عاشه..
فعلاً فلايؤلم الجرح إلا من كان به الألم وها انت تقص علي حكاية يتم من نوع اخر وكأنها حكاية عشق وحب وكأن الحبيب لايكتفي بالنوح والبكاء بل يقرر أن يرحل مع محبوبه تاركاً هذه الدنيا وراءه.
وفي الحقيقة ياعم من له أب مثلك ويفقده حري به أن لايذق طعم الحياة مرة اخرى فطعمها بدون عطفك كالحنظل او اشد مرارة، احسست بألم السوط على كتفي من آل امية واعتقدوا اني من الاسرى ونزلت من محملي كي أكلم الرأس لم اذق طعم الحياة إلا في تلك اللحظة حين التحقت بركب الحسين وشعرت بألم السوط وتورمت قدماي حينها عرفت لماذا ماتت رقية على جسد ابيها في تلك الخربة وحينها عرفت معنى اليتم الحقيقي فاليتيم من فقدك لا من فقد ابواه بأبي أنت وامي يا ابا عبد الله.
اضافةتعليق
التعليقات