مسارات الحياة تغريكَ أحيانا ببهرجتها ونعيمها فينساب قلبك لها ويجبرك بالتعلق فيها فتتناسى أن هناك أرواحا بالقرب منك تحتاج إلى سقي واهتمام لتنمو بدون آفة تلتف عليها.
كثيرا ما كنتُ أعجب بالمنازل العالية وجميلة التصميم المزخرفة بأشكالٍ عدة وبالسيارات الفارهة الفخمة، وأرى أولئك الذين يشترون ما يريدون بأي وقت دون أن يهمهم ما يصرفون، كنت أظن أن في ذلك سعادة ووئام لا يضاهى، أحببتْ أن أتوغل في هذا العالم أكثر لأعرف عنهم أكثر وهل هم في سعادة كما كنتُ أظن!.
في البداية امتعضت منهم ولم أتقبلهم في عالمي البسيط، كونهم يتسمون بالغرور والنظرة الدونية لمن حولهم، ثم ما إن حاولت أن أتعاون معهم وأبدي لهم ما يحتاجون من نصائح وما يفتقرون إليه في عالمهم حتى تساقطت دموع بعضهم وآخرون سلموا العنان لشكواهم، وطالبوا بأبسط حقوقهم وهم في عمر المراهقة وحتى بعض التراكمات من الطفولة، في الحقيقة التمستُ في هؤلاء الصغار خواء داخلي فهم يفتقرون للجو التعاوني العائلي والمحبة وهذه الأمور التي تقوي روابط العائلة وتزيد من تماسكها، فالأم أعطت لعملها الوقت الأكثر وكذلك الأب فهم يقضون معظم أوقاتهم مع جهاز إلكتروني يغذي كل من هب ودب بالعاطفة والإهتمام فينساقون إليه بلا وعي وإدراك.
هذه الحالات المتكررة في المجتمع لأبناء الموظفات مشكلة حقيقة يجب أن تلتفت اليها الأم بالخصوص وكذلك الأب كونهم مسؤولين عن تنشئة أبنائهم أمام الله والمجتمع وصحيح إن مستلزمات الحياة صعبة الآن لكن التحام العائلة أهم لأنه سيؤثر على الوالدين في النهاية، فعندما تؤمن الطفلة بيد الخادمة أو بيد أحد الأقارب أو في المدارس الأهلية فإن أواصر الحنان تقطع يوما بعد يوم بالأم وبالتالي فإنها حتما ستودعكِ بيد نفس الأشخاص.
فمن المهم تفعيل التوازن بين العمل والعائلة للحيلولة دون ضياعها وفقر تعاونها فيما بينها فضلا عن تحديد وجبة غذائية مشتركة بين جميع أفراد العائلة ليتم التحاور ومبادلة المواقف، ومن الضروري أيضا تخصيص وقت لجلسة عائلية على الأقل اسبوعية لتحتويهم فما فائدة الأمور المادية مقارنة بالمعنويات، فضلا عن محاولة الأم أن تقلل ساعات العمل أو تضغطها بطريقة ما حتى يتبقى لها نصف اليوم لتفرغه لأطفالها.
هذه الحالة لا تشمل كل الموظفات والمنشغلين بالعمل إنما تقتصر على أولئك الذين أهملوا بناتهم وأولادهم حتى تحول الدار ليست دار محبة.
اضافةتعليق
التعليقات