كنت أقلب الأخبار في مواقع التواصل الإجتماعي و على حين صدفة رأيت صورة إمرأة محجبة تتشح بالدماء يقف خلفها رجل تفور من عينيه براكين الغضب يمسكها من رقبتها و يديه ملطخة بحمرة الدماء ..
و حين قرأت السبب وجدت بأن الأخ ضربها بوحشية حتى غابت شمسها من الحياة و السبب في ذلك غيرته؟!
أنا لم أبتلع غُصتي حينها و لم أقوَ على نسيان هذا المنظر الأكثر همجية مما سمعناه عن أخبار الجاهلية، رحت باحثة في هذا الأمر علّني أجد الأسباب التي تسمح للذكور قتل نسائهم بها و وجدت ان أول من فعل ذلك كانوا رؤؤساء الجاهلية بقطعهم رياحين الإناث في حين ولادتهن او حينما يمضي على الفتاة ستة سنين ليزينوها و يلبسوها أجمل ما لديها و يلقون بجسدها في حفر من تراب و تنصرم آخر أنفساهن رعباً و ظلما!.
و لكن ما السبب في ذلك؟!
يقال بأن في السابق كانت الأنثى عار و كان يجب أن يُخنق هذا العار قبل أن تدب فيه الحياة، و أيضا يتعللون بفقرهم و أنها مجرد آلة للتناسل و ليست جالبة للمال و القوة كما الرجال، و يدعون أيضا بأنها "رجسٌ من الشيطان" قد خلقها إله غير آلهتهم و هذا السبب كفيل بأن يطمسون ذكرها ..
حتى تداولت هذه اللعنة و أصبحت عادة لحين قدوم النبي الأمين محمد صلى الله عليه و آله .
إنتهى بمقدَمه الشريف هذا الفصل الهمجي و إستعادت المرأة روحها و كرامتها و لكن المؤسف هو بأن سُم تلك اللعنة لا يزال متجذرا في بعض العوائل الجاهلية و من ضمنها الغيرة في غير موضع!.
يقول أمير البلاغة عليه السلام لنجله الحسن (ع):
(إياك و التغاير في غير موضع الغيرة، فأن ذلك يدعو الصحيحة منهن إلى السقم!).
و التغاير يعني بذل الغيرة في غير موضع الغيرة.
فمثلا عندما يلقّن الأخ أخته بأنها غير عفيفة و هي بريئة من كل ظنونه الملطخة، فأن ذلك يحثها على فعل الخطأ بسبب تلقينه السلبي و حذرة المسقم!.
و نرى ايضا بأنه في الوقت ذاته يقول في إحدى خطبه عليه السلام:
(الا تستحيون أو تغارون، فأنه بلغني أن نساؤكم يخرجن في الأسواق، يزاحمن العلوج).
و هنا إشارة صريحة على الغيرة المطلوبة و دعوة الرجال عليها تحديدا، و لكن كيف يجب أن يحافظ الرجل على غيرته أمام اخواته و زوجته وعائلته؟!
هل يضربها حتى القتل، هل يربط يديها عن فعل المحرمات، هل يجب أن يضع الاقفال في كل ابواب البيت حتى يعيش في راحة من ظنونه وغيرته؟!
على الرجال أن يغضوا ابصارهم عن اعراض الناس و السنتهم عن التحدث فيها و ترويض عائلتهم على هذا الأمر..
عليهم ايضا ان يتصرفوا امام زوجاتهن واخواتهن بالتصرفات السوية والمعاملة الحسنة والقول السليم فتنعكس تلك التربية على فتياتهن و يكنّ في أمان .
ولا يتوقع الرجل بأن غيرته ستجدي نفعا إن كان يمارس الرذيلة علنا و يطالب من أهله الإلتزام والحشمة!.
فالمرأة ليست بحاجة غيرة سلبية تُقبر بها احلامها..
ليست بحاجة لحمية تراق بها دمها..
ولا تلك التي تتمثل على أيادي حمراء تلطمها و تجيب رغباتها المسموحة خنقا، هي فقط تطالب بالغيرة التي تُصان بها عفتها و تُحفظ بها كرامتها، و ترسم لها الحدود المعقولة التي وضعها الدين القيم، تلك التي تتعنون ب "رفقا بالقوارير".
اضافةتعليق
التعليقات