إن التعليم الافتراضي قد يشكل مخاطر على الصحة النفسية وعافية الأطفال والآباء أكثر من التعليم الشخصي، وقد تكون هناك حاجة إلى مزيد من الدعم للتعامل مع آثار جائحة كورونا.
وكان الآباء الذين تلقى أطفالهم تعليماً افتراضياً أو مزيجاً من التعليم الافتراضي والشخصي أكثر عرضة للإبلاغ عن زيادة المخاطر المتعلقة بـ11 من أصل 17 مؤشراً لرفاهية الطفل والوالدين، وفقاً لدراسة جديدة أجرتها المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
ونظر الباحثون في ردود الاستطلاع من 1،290 من الآباء والأمهات الذين لديهم أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 و12 عاماً، خلال فترة ما بين شهري أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2020.
وأفاد نحو 25% من الآباء والأمهات الذين تلقى أطفالهم تعليماً افتراضياً أو مزيجاً من التعليم الافتراضي والشخصي بتدهور الصحة النفسية أو العاطفية لأطفالهم، مقارنةً بنسبة 16% من الآباء والأمهات الذين تلقى أطفالهم تعليم شخصي.
كما أنهم كانوا أكثر ميلًا للقول إن أطفالهم مارسوا نشاطاً بدنياً بشكل أقل، وقضوا وقتاً أقل في الخارج ومع الأصدقاء.
ومن مدينة نيويورك، قالت ستيفاني كوكينوس، وهي أم لطفلتين إحداهما تبلغ من العمر 7 أعوام و الثانية تبلغ من العمر 5 أعوام، إن "الفرق بين الطريقتين كالفرق بين الليل والنهار، خاصةً بالنسبة لطفلتي".
وأوضحت كوكينوس أنها اعتادت على طريقة التعلم عن بعد، على الرغم من أنها لا تعد طريقة طبيعة على الإطلاق.
وأشارت كوكينوس، وهي لا تعمل حالياً بينما يعمل زوجها من المنزل، إلى أنها لا تستطيع حتى التفكير فيما إذا كانت تعمل خلال هذا الوقت، موضحةً أن التعليم عن بعد أصبح بمثابة وظيفة بدوام كامل بالنسبة لها، فقط لتتأكد من تلبية احتياجات ابنتيها من الناحية الأكاديمية، والأهم من ذلك من الناحية النفسية والعاطفية.
ومنذ أن بدأت الجائحة، أوضحت كوكينوس أنه كان على طفلتيها مواجهة إغلاق المدارس ثم العودة للتعليم داخل الفصول مرة أخرى في 19 مارس/ آذار الجاري.
وترى كوكينوس أن هذا الذهاب والإياب مع الأطفال في مثل عمر طفلتيها هو أمر مضر للغاية، وأضافت: "من الصعب أن تضع نفسك كشخص بالغ، (في مكانهم) مع ما يواجهونه وكيف يتصرفون".
ولفتت كوكينوس إلى أن الأمر يبدو مختلفاً في كل طفل، فبعض الأطفال يتراجعون في الدراسة، وبعضهم فقدوا بريقهم نوعاً ما، وبعضهم لم يعد لديهم حب التعلم بعد الآن، حسب ما ذكرته.
وأضافت كوكينوس: "إنهم مرهقون ويعانون من الصداع وآلام في العينين، إضافةً إلى أنهم لا يحصلون على تفاعل اجتماعي ولا يتم تلبية احتياجاتهم خلال هذه الفترة".
الآباء يشعرون بالتأثير أيضاً
وأفاد حوالي نسبة 54% من الآباء والأمهات الذين تلقى أطفالهم تعليماً افتراضياً بالشعور بضيقٍ عاطفي، مقارنة بنسبة 38% من الآباء الذين تلقى أطفالهم تعليماً شخصياً.
وكان آباء وأمهات الأطفال الذين يتلقون تعليماً افتراضياً أكثر عرضة للإبلاغ عن فقدان العمل، والمخاوف بشأن الاستقرار الوظيفي، وتحديات رعاية الأطفال، والصراع بين العمل وتوفير رعاية الطفل، وصعوبة النوم.
وكان آباء وأمهات الأطفال الذين تلقوا مزيجاً من التعليم الافتراضي والشخصي أكثر عرضة من أولئك اللآباء الذين تلقى أطفالهم تعليماً شخصياً للإبلاغ عن فقدان العمل، والمعاناة من الصراع بين العمل وتقديم رعاية الطفل، كما أفاد حوالي نسبة 43% منهم بالشعور بالضيق العاطفي.
أفاد حوالي نسبة 66% من الآباء والأمهات من أصل إسباني ونسبة 55% من أصحاب البشرة الداكنة أن أطفالهم تلقوا تعليماً افتراضياً، مقارنة بحوالي نسبة 32% من الآباء والأمهات من أصحاب البشرة البيضاء.
وتقوم ستيفاني بورو-كاربنتر بتدريس طلاب الصف الثالث في مدرسة "فرايزر" الابتدائية في مدينة لويزفيل، بولاية كنتاكي، والتي عادت لتوها إلى الفصول الدراسية الشخصية.
وقالت بورو-كاربنتر: "أعتقد أن الأمر يختلف بالتأكيد باختلاف الطالب والموقف"، مضيفة: "لدينا بعض الأطفال الذين عانوا من صدمة أكثر بكثير من غيرهم".
وعلى وجه التحديد، كان على بورو-كاربنتر أن تُولي اهتماماً خاصاً للصدمة العرقية التي عانى منها بعض طلابها لأنهم يعيشون في لويزفيل، حيث قُتلت بريونا تايلور برصاص الشرطة في مارس/ آذار 2020.
وبسبب تلك الصدمة بالإضافة إلى حالة عدم اليقين التي يسببها الوباء والتحول بين التعلم عن بُعد والتعلم الشخصي، فقد ركزت بورو-كاربنتر بشكل خاص على الصحة النفسية لطلابها.
وأعدّت بورو-كاربنتر جلسة لطلابها مع مستشار للصحة النفسية، حيث يجري الطلاب جلسات أسبوعية معه، من خلال تزويدهم باستمارة عبر الإنترنت كطريقة لطلب المساعدة دون الحاجة للإفصاح عن ذلك.
وكتب الباحثون أن الأطفال الذين لا يتلقون تعليماً شخصياً وأولياء أمورهم "قد يتعرضون لخطر متزايد من نتائج سلبية على الصحة النفسية أو العاطفية أو البدنية" وقد يحتاجون إلى مزيد من الدعم للتخفيف من آثار الجائحة.
وأشار الباحثون إلى أن "الإجراءات على مستوى المجتمع للحد من الإصابة بكوفيد-19 ودعم استراتيجيات التخفيف في المدارس مهمة للغاية لدعم عودة الطلاب إلى التعلم الشخصي". حسب cnnعربي
هل تسبب الشبكات الاجتماعية الاكتئاب للأطفال؟
قال الطبيب البريطاني، رانغان تشاترجي، إنه لاحظ كثيرا من الأدلة على وجود صلة بين اعتلال الصحة النفسية لدى الأطفال وبين استخدامهم وسائل التواصل الاجتماعي.
وأحيل فتى، يبلغ 16 عامًا، إلى تشاترجي بعدما جرح جسده وانتهى به الحال إلى نقله لغرفة الطوارئ بالمستشفى.
وقال تشاترجي: "فكرت في البداية أن أخضعه لبعض مضادات الاكتئاب، لكنني تحدثت معه، واتضح أن استخدامه وسائل التواصل الاجتماعي كان له أثر سلبي على صحته".
وأشار إلى أنه جرب وسيلة بسيطة من خلال توجيه المراهق إلى محاولة التوقف تدريجيا عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتقليل استخدامها لتبدأ بساعة واحدة فقط قبل النوم. وعلى مدى بضعة أسابيع، يتعين عليه أن يمدد هذه الفترة إلى ساعتين في الليل وساعتين في الصباح.
وأضاف: "حقق المراهق تحسنا كبيرا في صحته، وبعد ستة أشهر، تلقيت رسالة من والدته تقول فيها إنه بات أكثر سعادة في المدرسة، ونجح في الاندماج بالمجتمع من حوله".
ودفعت هذه الحالة وحالات أخرى مشابهة تشاترجي إلى طرح السؤال حول دور وسائل التواصل الاجتماعي في حياة الشباب والمراهقين.
وقال إن "وسائل التواصل الاجتماعي لديها أثر سلبي على الصحة العقلية.. أعتقد بأنها باتت مشكلة كبيرة، ونحن بحاجة إلى بعض القواعد، منها كيفية توجيه المجتمع إلى الاستفادة من التكنولوجيا لمساعدتنا بدلا من أن تضرنا".
ولم يكن تشاترجي وحده في هذا الطرح، إذ كتبت مجموعة من الخبراء في رعاية الطفولة بالولايات المتحدة في الآونة الأخيرة إلى مؤسس فيسبوك، مارك زوكربيرغ، تحثه على إلغاء برنامج المحادثة الفورية للأطفال (ماسنجر كيدز)، قائلة إن تشجيع المراهقين على استخدام المنصة أمر غير مسؤول.
واستشهد الخبراء بأدلة لدى مجموعة من المراهقين الذين أبغلوا عن تغيرات مزاجية حادة جراء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وأخرى لفتيات، تراوحت أعمارهن 10 سنوات، واجهن مشاكل في تصورهن لهيئة الجسم بسبب الصور التي يشاهدونها على منصات التواصل الاجتماعي، مثل إنستغرام.
آثار استخدام مواقع التواصل على الأطفال
وطلبت دراسة، أجرتها الجمعية الملكية للصحة العامة عام 2017، من 1500 شاب، تراوحت أعمارهم بين 11 إلى 25 عاما، رصد حالتهم المزاجية أثناء استخدام أشهر خمس مواقع للتواصل الاجتماعي.
وخلصت الدراسة إلى أن سناب شات وإنستغرام هما الأكثر إلهاما لمشاعر الاضطراب والقلق، بينما كان موقع يوتيوب صاحب التأثير الأكثر إيجابية.
وقال سبعة من بين كل 10 أشخاص إن إنستغرام جعلهم يشعرون باضطراب بشأن هيئة الجسم، بينما قال نصف من تراوحت أعمارهم بين 14 إلى 24 عاما إن إنستغرام وفيسبوك زاد من حدة شعورهم بالقلق، في حين قال ثلثا المستطلعة آراؤهم إن فيسبوك فاقم من مشكلة التحرش عبر الإنترنت.
وقالت المديرة التنفيذية للجمعية الملكية للصحة العامة، شيرلي كرامر، التي أشرفت على الدراسة: "وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت فضاء نشكل ونبني فيه علاقاتنا وهويتنا الذاتية، ونعبر فيه عن أنفسنا، ونتعرف فيه على العالم من حولنا. إنه مرتبط ارتباطا جوهريا بالصحة العقلية".
وقالت خبيرة الطب النفسي، لويز ثيودوسيو، إن واحدا من أوضح المؤشرات على آثار استخدام الأطفال لهواتفهم لفترات طويلة هو سلوكهم خلال جلسة العلاج.
وأضافت، الطبيبة في مستشفى رويال مانشستر للأطفال: "قبل عامين أو ثلاثة أعوام، كان من غير المألوف إلى حد كبير رؤية طفل يجيب على الهاتف أو يكتب نصا أثناء جلسة العلاج، لكن الأمر بات الآن شائعا".
وأشارت ثيودوسيو إلى وجود ارتفاع كبير في حالات كانت فيها وسائل التواصل الاجتماعي عاملا كبيرا في إصابة المراهقين بالاكتئاب والقلق وغيرها من مشاكل الصحة العقلية.
وأشارت إلى أنه غالبا ما تكون هذه المشاكل معقدة وواسعة النطاق، بداية من الاستخدام المفرط للألعاب أو مواقع التواصل الاجتماعي مرورا بالشعور بالضعف الناجم عن القصف المستمر للصور على وسائل التواصل الاجتماعي حول حياة الآخرين وصولا إلى ظاهرة التحرش على الإنترنت. حسب بي بي سي
اضافةتعليق
التعليقات