السعي منهج الحياة والمواقف الصعبة إثباتات لدرجة الصبر والحكمة والوعي، ولعبة الحياة لها قوانينها تفرض على الجميع سواء من لا يصوت عليها أو يجدها عادلة أو ظالمة، ولكل تغيير نقوم به إن تكلل بالنجاح أو لحقه الفشل ثمنه وحصاده.
وكل ما ذكر يعتمد بالدرجة الأولى على ترميز المعلومات أي نظام المعاني التي يشكلها المحتوى العقل المتكون من (الأفكار والمشاعر والذكريات) للأحداث والمواقف والمشاهد التي نعيشها وتحيط بنا، ومعتمد على طريقة تحليلنا وتفسيرنا ووصفنا لما نتفاعل معه، لتكوين استراتيجية التفكير لكل منا.
في مشوشات التكنولوجية والحياتية ونذكر منها مواقع التواصل الاجتماعي كمثال وهي جزء من محيطنا الذي يؤثر بنا، هناك حجم كبير من السلبية والنكد ينشرها أشخاص غلف اليأس عقولهم وأرواحهم، ومن يلتقطها ويتأثر بها بشكل كبير العقل الذي اعتمد على ترميز معلوماته بطريقة تجعله يقارنها مع وضعه فيتفاعل معها وتهيج المخاوف الداخلية وتوقظ الذكريات المرة، ويلبس ثوب الإحباط والقلق بسرعة.
نقول هذا الكلام من جملة الدراسات الكثيرة التي أعدها أهل العلم حول تأثير ترميز المعلومات في وصول الشخص إلى الكآبة والحزن وتكدر المزاج والتشويش الذهني، ومن أكثر الكلام سلبية هو (انقطاع الأسباب) ودعونا نشرح انقطاع الأسباب وهو ترميز في عدة مواضع أغلبها تتمحور حول الربح والخسارة في (العلاقات والعمل).
كلما آمنا أن السعي لنا والنتيجة عند الله ومقدار اليقين عالية بعطايا وقدرة رب العزة بقلب الموازين رغم عدم وجود أمل ظاهري لا يشعر أحد مطلقا بانقطاع الأسباب، فلو عمل الجميع وفق هذا المبدأ سيبين من يسعى ولا ينقطع رجاءه، ومن هو عاطل عن السعي لعدم تخيل المعجزات التي كونها الله.
العلة متعلقة بأمر واحد هو الإيمان برحمة الله وما هي حواراته مع خالقه، ثم يأتي أهمية الرضا الذي يجعل النفس مطمئنة قابلة على التخلي عن كل شيء بثقة عالية وليس التخلي خوفا أو يأسا والانطلاق بنفس راضية بقضاء الله وقدرته وعدم الاستعجال.
الكثير من يلهي عقله بأفكار يائسة محبطة يشجعه ويزيد بؤسه ما يسمعه أو يراه في العالم الافتراضي دون أن يدرك حقيقة ما وصل إليه، حتى إذا سأله أحد يقول: (أنا متفائل أنا أسعى أنا راضٍ) وكأن الأمور بالقول فقط!، إنما الحقيقة تريد قول صادق ودرجة كبيرة من الإيمان تسكن في قاع روحه وشعور وفعل يترتب على هذا القول.
إن الصدق مع النفس والانتباه بما يحاور به نفسه وما يشغل باله والشجاعة على الاعتراف للنفس هي من توصل الشخص لبر الأمان وكسب نتائج مفرحة ويكون ساعٍ راضٍ منتج، وإذا انقطعت الأسباب الظاهرة عنده ذهب إلى مسبب الأسباب بصبر ويقين وتوكل.
(القنط، التباطؤ، التثاقل، اليأس) مشاعر يمر بها الجميع ومن تلازمه وتنعكس على حياته ويتلقف كل كلمة تقال في محيطه من يؤمن بانقطاع الأسباب، فالرجاء هو من يوجب للعبد السعي والاجتهاد، وكلما غيرنا ما نفكر به وما نفعله استطعنا أن نصل للهدف بسرعة.
اضافةتعليق
التعليقات