إن كنت ممن لايحبذون ذكر الفشل فعليك اكمال حروفي فإن وجدتها غير مهمة اعتبرها محاولة فاشلة مني…
كلمة تثير ضجة في الرأس وتسري كأنها السم في انحاء الجسد فتصيبه بخيبة بكل مفاصله وتبدأ العبارات بتكوين حرب طاحنة.. اين كنت، لماذا انت هنا، الى اين تتجه، ماذا ستفعل، انظر الى حياتك.. وتستمر الاسئلة بحربها دون نتيجة ولكن ضحاياها سنكون نحن فتجد الحل الوحيد للهدنة من هذه الضجة اما السرير والهروب من ما يحدث او البكاء وكلا الحالتين هن مهدء مؤقت لايبعدك عن الواقع فتجدنا بعد مايحصل نلجأ للهدوء ويبدأ الصباح وكأن كل شيء على مايرام وليته كذلك.
يتملكنا الخوف لمجرد السير لأي مكان وتبدوا الابواب لنا كأنها كوابيس اختفت مفاتيحها بين طيات الألم. فتراودك الشكوك بالحياة وحقيقتها وربما تنظر لراحة يدك وتتساءل هل انا حقيقة ام اني غادرتها، عندها إعلم انك في اسوء حالاتك ولكن هذه ليست النهاية بل هي البداية التي يجب ان تنطلق منها ولأنك موجود والحياة لم تنتهي منك بعد فهذا يعني ان الفرصة مازالت متاحة لك وإن كان سائر جسدك يقول لك كفى انك فاشل، قل بل هناك امل.
ولكن إحذر فالقول والفعل ليس كاف دون ايمان بما تفعل فجميعنا قمنا بامور اجبرنا على فعلها سواء ممن حولنا او من انفسنا ولكنها ليست مانريد ولو تحتم علينا القيام بها مرة اخرى لقمنا بها بشكل اخر فما بين مانقوم به وما نريده يجب ان تكمن نقطة الايمان بفعله.
والفشل لايعني العمل فحسب بل هناك عدة امور نفشل في فعلها .
المراهقة وصراعاتها مع النضوج دون اخطاء. الذنب ومحاولة التوبة دون التراجع ولأننا اعتدنا الحديث عن الناجحين وقصصهم هضم حق الفشل في ذكره فلم يوجد ناجح دون فشل، والفشل في حقيقة الامر هو الاخفاق في سياق تكرار المحاولة وان كان للنجاح الحقيقي فخر فذلك لان للفشل دور .
فهل شاهدت طفلا وقف على قدميه دون سقوط او عصفورا رفرف بجناحيه دون وقوع او بطة سبحت دون غرق اولي. اذن لايوجد نجاح كامل دون فشل فالحياة تسير بوتيرة واحدة وهي دون الوان قاتمة ستكون مملة ومضجرة فاللون القاتم يعطي لها معنى او على الاقل يظهر بهجة الالوان الاخرى .
فالبشر لايولدون فقط يوم ولادتهم بل تلدهم مع كل انجاز مهم اثبتوا انهم يستحقوه لأنهم اقوياء.
الفشل يعيد الحياة ويحرك كل راكد، وحتى الحياة الزوجية احيانا تجدها تعود بعد خلاف بسيط برهن على فشل احدهما بتجديدها فيعود بعدها السكون لهم والدفئ فالاخطاء بالحياة كما النجاحات تضاف الى رصيد الانسان فبعد كل فشل تضاف خبرة جديدة يمكنه الاستفادة منها فتخصم الاخطاء من اخطائه المستقبلية وحتى الالم يكون اقل فهو ذو خبرة لايقع بنفس الفخ مرتين.
فالشخص دوما يحتاج فشل واحد على الاقل ليكسر حاجز الخوف الدائم من الاخفاق بل انه ايضا يكسر الغرور الذي يجعله يشعر بالاخرين وإعلم ان اي شيء يحدث لك خارج مبتغاك ربما هو فيه صالح لك كما قال عز وجل في محكم كتابه: (وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لاتعلمون).
الخير له جوانب متعددة قد لايدركها الانسان في وقتها وربما هذا الفشل حدث لأمر يخفف عليك فشل اكبر وألم اقوى ولم تدركه في وقتك فكم من عثرة درأت الاشخاص من مصيبة كبيرة وكم من خسارة بسيطة انقذتك من خسران اكبر. وكما ذكر في قصة موسى والخضر عليهما السلام مايشير الى ذلك. فما بدا خسارة في خرق السفينة مثلا، كان ربحا حقيقيا في الحفاظ على مستقبل مالكها وتجارته من سطوة الظالم.
وفي الحقيقة انه لايوجد شخص فاشل بل يوجد شخص بدأ من القاع وبقي فيه.
وفي النهاية كل مايتوجب عليك، ان تنطلق من جديد وان كانت انطلاقتك ستتكرر فحتى السهم الذي يصيبك ولايقتلك يزيد من قوتك. تجاهل كل من ينعتك بالفاشل وقل: مازال الامل موجود وانا على قيد الحياة ..
اضافةتعليق
التعليقات