سيرك من غير هدي واسبال يديك من دون أن تجد السبب الذي أودى بك إلى حالٍ حتى النوم لا تستلذ به، ولجوءك إلى لحافك وكرهك لبني جنسك، وجمودك أمام ما كنت تحب كأنه لم يكن يوما شغفك، فضلا عن ألم يلم بعينيك وصداع يلازمك وحتى معدتك تتعاون لتزيد الوضع سوءا، ما هي إلا علامات تثبت بأنك رهن الضجر.
إن أحد الأسباب المؤدية للإرهاق وقد تعد رئيسية هو السأم، ففي تجربة أجراها بارماك دكتور الفلسفة ونشرها في تقرير خاص بأرشيف علم النفس، أظهر فيها كيف أن السأم ينشئ الإرهاق حيث أخضع مجموعة من الطلاب لسلسلة من التجارب التي يعلم أنها لا تثيرهم فما كانت النتيجة؟ شعر الطلاب بالتعب والنعاس، واشتكوا من الصداع وتوتر في العيون، كما شعروا بالضيق، وفي بعض الحالات كانوا يشعرون بتلبّك في المعدة، فهل هذا ضرب من الخيال!.
كلا بل أجريت فحوصات على أولئك الطلاب، فظهر أن ضغط الدم واستهلاك الأوكسجين ينقص حين يشعر الإنسان بالضجر، وأن الجسم يعود إلى طبيعته بسرعة حالما يشعر الإنسان بمحبة العمل الذي يقوم به.
بينما أجريت تجارب أخرى على جنود ومرشديهم ومن التدريبات كانت تسلق الجبال تسلقوا جميعا فكانت النتيجة أن الجنود عند نزولهم كانوا مرهقين حتى أنهم لم يتناولوا طعامهم بينما المرشدين كانوا متعبين أيضا لكن لم يكونوا مرهقين حتى أنهم تناولوا الطعام ثم تناولوا أطراف الأحاديث وخلدوا الى النوم.*
الفارق أن الجنود لم يكونوا يستمتعوا بما يفعلوا عكس المرشدين الذين كانوا يمارسون شيء من هواياتهم.
ولو أدرنا محرك البحث حول مفردة الضجر والسأم في الأحاديث الشريفة لوجدنا أن الامام الصادق عليه السلام يحذر منه قائلا: (إياك والضجر والكسل، إنهما مفتاح كل سوء)، وكذلك الإمام الباقر عليه السلام: (الكسل يضرّ بالدّين والدّنيا).
الضجر عادة ينشأ من مناشئ عدة:
1 – البعد عن الحياة الاجتماعية: لقد أصبح من الممكن الاستغناء عن الناس؛ فأنت تستطيع أن تتسوق عبر الإنترنت، وتتواصل مع جميع العوالم من خلاله فتنتقص الرغبة لديك بالتواصل مع العالم الخارجي.
2– عدم الشعور بأهمية الوقت: وهذه النقطة قد تكون سبباً، وقد تكون نتيجة؛ فالملل قد لا يشعرك بأهمية الوقت، فاليوم مثل أمس مثل الغد، وقد يكون عدم تقديرك للوقت وأهميته سبباً للملل، وكما يروى عن الأمير علي عليه السلام (من تساوى يوماه فهو مغبون).
3-القيام بالعمل بشكل روتيني دون الشعور بأهميته للنفس، أو دون إدخال التغيير عليه أو تطويره، وهذا ما كان في القصة السابقة.
4-الغفلة عن الطبيعة من حولنا، وعدم التأمل في ملكوت الله، وبالتالي عدم الشعور بعظمة الكون وجماله، وعظمة النفس البشرية، والهدف من وجودنا، والجملة الأخيرة هي أهم ما نفتقده.
وغيرها من الأسباب التي تؤدي الى الضجر والملل من الحياة نفسها، لذلك من الضروري أن تتخلص من الضجر وذلك بواسطة مجموعة من الأمور:
1 – اكتشف لماذا تشعر بالملل؟؟ إذا كان السبب هو قيامك بالعمل نفسه بشكل متكرر، فأضف إليه بعض الأشياء الجديدة، أو قم به بشكل مختلف.
– فمثلاً.. العمل المنزلي الذي تقوم به ربة المنزل يمكن أن يكون ممتعاً إذا استمتعت أثناء أدائها له إلى بعض الأشرطة الصوتية التي تحمل المعلومات الممتعة، أو قامت به بشكل حركات رياضية؛ فيصبح الهدفُ هو القيام بالأعمال المنزلية، بالإضافة إلى المحافظة على لياقة الجسم.
– إذا كان الملل بسبب الكسل فاحصل على كفايتك من النوم، وعش حياة صحية منظّمة.
– إذا كان الملل بسبب الخوف من القيام بعدد من الأعمال الكثيرة المتراكمة، فقم بتقسيم الأعمال إلى خطوات وأهداف بسيطة.
– إذا كان الملل بسبب عدم وجود ما تفعله، فمارِس بعض الرياضة أولاً؛ فهي ستساعدك على التفكير السليم، وستجد ما تقوم به، أو تحدث مع صديق مقرّب عمّا يضايقك، فمجرد الحديث يمكن أن يفتح أمامك أبواباً مغلقة.
2 -لا تبتعد عن الحياة الاجتماعية
فالاندماج مع العالم الخارجي أمر مهم، ولن تشعر بأهميته إلا عندما تزيح عنك الغطاء، وترتدي ملابسك وتذهب لمقابلة صديق أو تصل القُربى، أو تجلس مع كبار السن.. حاول أن تتعلم من الكل، وتعرف على ما قد يملأ حياتك بالمتعة والحكمة.
3 – الترفيه أمر مهم
ولكنه ترفيه بما يرضي الله تعالى من تغيير وسفر ومزاح وضحك، وكل هذه الأمور أباحها الله لنا لكي تعيننا على طاعته؛ فالنفس المشرقة المستبشرة تستطيع أن تختار من الدنيا ما يزيد من همتها ويرتفع بها، فتفيد وتستفيد، وتجد المتعة في الإنجاز، وتقديم العون للآخرين.
4 -التعامل بشكل صحيح مع الوقت
ولهذا عليك أولاً أن تشعر بأهميته؛ بل وتحمد الله على هذه النعمة، التي إن عرفت استغلالها بالشكل الصحيح فزت في الدنيا والآخرة.
5 – التأمل في الكون
فعندما نندمج مع العالم من حولنا نكتشف ما يشعرنا بالمتعة والإلهام، وتظهر أمامنا الفرص التي لم نكن ندري أنها أصلاً موجودة، ونضع أيدينا على مواطن الإبداع في داخلنا.
6 -غيّر أفكارك تتغير حياتك
فالأفكار تتحكم في التصرفات.. ضع لنفسك أهدافاً تشعرك بالحياة، فمن المستحيل أن تشعر بالملل وأنت تسعى لبناء حياتك وتحقق أهدافك.
7 -استخدم خيالك بالشكل الصحيح
حاول أن ترسم صورة لنفسك في المستقبل تكون معالمها هي التي تطمح أن تكون عليها، والشيء الجميل في الخيال هو أنك تستطيع أن تضع كل شروطك، وتجرب كل ما تحب تجربته.
8 – استخدم الحركة لمكافحة الملل
قم ببعض المشي، اكتب عشرة أشياء تستطيع القيام بها، وابدأ في ممارستها للتغلب على مشاعر الاستسلام في داخلك.
9 – أشْعِل الفضول داخلك
فضول المعرفة والاكتشاف، وغذِّ هذا الفضول بالقراءة ومشاهدة البرامج التي تكشف لك الغطاء عن الكثير من الحقائق العلمية المدهشة، وسافر عبر الزمن وعبر المسافات مع برامج الرحلات والتاريخ، وتأكد أن الدنيا مازال بها الكثير الذي لم تعرفه أو تكتشفه بعد.*
اضافةتعليق
التعليقات