لم يكن للألوان مكان في لوحاتها إذ نسجتها بخيوط رقتها على ألواح الخشب والمسامير, فطرزت بتلك الأدوات ابداعها لتخبرنا بذلك أن للفن لغة ثانية بعيدة عن الدهان والورق والقماش والجداريات وغيرها.
اسراء مهند فنانة عراقية الأصل نشأت بعيدة عن أرض الوطن إلا أن عروقها ما زالت تنبض حبا إليه ولمقدساته, إذ جسدت بإحدى لوحاتها صورة لأسد الله الغالب الامام علي (عليه السلام).
(بشرى حياة) التقت بها لتسرد لنا عن بداية رحلتها الفنية:
بداية المشوار
من الطبيعي أن يلاقي الانسان في بداية كل عمل صعوبة فيكون بين الأمل, والتمني, والخوف ولكن بقوة الارادة والثقة بالنفس تقوى الرغبة بالثبات وجعل الصعوبات تتذلل, والأماني تتحقق, وهذا ما لاقته اسراء وهي تبحر في محيط فنها حتى وصلت لبر الأمان لترسو بإبداعها على سواحل هذا الفن الجميل.
فقد اكتشف والدي اسراء موهبتها منذ طفولتها إذ كانت تبتكر الرسم على مجسمات مختلفة بأدوات بسيطة, لتسجل بذلك بداية انطلاقتها في عالم الابداع, وما إن كبرت تلك الصبية اليافعة حتى تبلورت أناملها الذهبية بفنها الأخّاذ أكثر.
وعن بداية مشوارها قالت: قبل عامين بدأت مشواري في عالم الرسم غير أنه اختلف تماما عما كان متعارف به, فقد اخترت به التخطيط على مجسم الخشب من ثم تحديده بالمسمار ورسم اللوحة بالخيوط سواء كانت زخرفة أو صورة شخصية, أو صورة عامة كمنظر طبيعي أو حيوانات وغيرها.
نجاح وتألق
لاقت اسراء اعجابا كبيرا من ذويها والمقربين من أصدقائها والمعارف, وهذا ما شجعها للولوج في دهاليز هذا الفن وأنواعه الذي يجيده القليل من الفنانين الموهوبين لصعوبة اتقانه فهو يحتاج إلى حرفة خاصة في اتقان الخطوط وتركيب المسامير على لوح الخشب.
ثم باشرت بإنشاء موقع خاص لفنها على مواقع التواصل الاجتماعي, فحصد أعلى نسب مشاهدة ومتابعين, لتفتح أمامها أبواب النجاح والتألق. إذ ولدت لي طاقة سلبية جعلتني أبحث عما يعوضني ويغيرها إلى إيجابية, وقد حققتها من خلال موهبتي المخزونة بداخلي.
حنين للوطن
في هدأة الليل يأن القلب حنينا للوطن فمهما طالت المسافات تبقى هناك جذور متصلة تحمل بطياتها صدىً كبيراً يعيد اسراء إلى الديار, وبالذات إلى بقعة مباركة في مدينة النجف الأشرف لتجسد إحدى لوحاتها صورة للأسد تيمننا ببسالة الامام علي (عليه السلام) أعربت بها عن حبها وانتمائها لبلدها ولمقدساته.
ملهمة نفسي
لم يكن لإسراء ملهم خاص في فنها حيث أكدت: لا وجود لشخص ما في هذا المجال اقتبس منه تصاميم للوحاتي فأنا ملهمة نفسي, إذ كان مخزوناً بداخلي, كما سبقتني أناملي وقلمي لاكتشاف واستخراج هذه الموهبة.
مضيفةً: إن عائلتها كانت وما زالت أكثر وأهم الداعمين والمساندين لها, وبأنها مدينة لهما في تحقيق هذا الطموح.
شعور بالفخر
لم تحصد في رحلتها الفنية الكثير من لوحاتها بسبب انشغالها في الجامعة, فكان انتاجها لحصيلة عام كامل ثلاثين لوحة, رغم تزايد الطلب على لوحاتها.
وعن شعورها وهي تعقد آخر خيط في لوحتها قالت: بعد إتمام كل لوحة يعتريني الشعور بالفخر, فأنا انسج خيوط لوحاتي بكل حب واعتزاز, وتتملكني الغبطة حينما أرى بعيون الزبون انبهاره واعرابه عن مدى اعجابه بها.
تلاقح بالأفكار
لم تنحصر أفكارها في مجال أو نوع محدد بل كانت تطمح في تحقيق كل الإمكانيات المتاحة في هذا الفن لتتمكن من تطوير عملها نحو الأفضل, فضلا عن وجود تلاقح للأفكار بين تخصصها الأكاديمي وفنها لكونها مهندسة, إذ يلتقيان في الإبداع والذوق والإحساس ذاته.
مشاركة قيد التنفيذ
وعن سؤالنا إن كانت شاركت في معارض قالت: بسبب انشغالي بدراستي لم أتمكن من المشاركة بأي معرض, ولكن رغبتي بذلك مازالت قائمة وهي قيد التنفيذ, فمن أولوياتي بعد التخرج هي التفرغ للعمل وانتاج لوحات مميزة للمشاركة بها في كل المعارض المتاحة, كما لدي طموح لتحقيق الكثير من المشاريع الفنية, أهمها اقامة معرضي الشخصي الأول.
مردود مالي
كانت بداية عملها كهواية وبمرور الأيام وبسبب التشجيع والإعجاب الذي لاقته من قبل المقربين والأصدقاء خصوصاً والناس عموماً, جعلها في تطور دائم للإنتاج بشكل أوسع حيث أصبحت الكثير من المكاتب, والمحلات, والمطاعم والأشخاص المتذوقين تطلب لوحاتها, ليصبح فنها ذات مردود مادي لها.
أمنية من القلب
وفي الختام قالت اسراء مهند: كلنا نملك أمنية في القلب نتوق لتحقيقها, ونعمل بجهد حثيث لتبصر النور.
وعن نفسي أحمل في قلبي أمنيتين, أولهما خاصة وهي مرضاة الله تعالى ورضاء والديَّ عني.
أما العامة هي الوصول إلى هدفي المنشود في تطوير عملي ومشاركتي في المعارض على مستوى عالمي, وابراز شخصيتي التي تجمع بين هويتي وأصالتي العراقية لثقافتي الإسلامية الملتزمة بديني, والمتمسكة بعقيدتي, لأنقل وأعرف الآخرين بهذا الفن بشكل أوسع وأكون سبباً في إلهام غيري.
اضافةتعليق
التعليقات