• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter youtube instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • اعلام
  • صحة وعلوم
  • ثقافة
  • تربية
  • منوعات
  • خواطر
  • الصور

روحٌ خضراء في رِحاب الجنة

مريم حسين العبودي / السبت 07 آيار 2022 / تطوير / 685
شارك الموضوع :

في الصيف المُنصرم كنتُ قد اشتريت طيوراً أربع، طيورٌ ملونة صغيرة ومبهجة للنظر، وقد عقدتُ معهم صداقة وطيدة

تتعاقب أحداث الحياة، تُظلمُ تارة، وتُنيرُ تارةً أخرى، تتكاملُ مع بعضها البعض لتوصل المرء إلى حقيقةٍ لا مفرّ منها، ألا وهي أن "كُلُ شيءٍ هالِكٌ إلا وجَهه". تقعُ أموراً قد تهدّك، تُزلزل وجودك، تُثيرُ فيك حُزناً مُجلجلاً، كأن لا أنفاس تُستساغ بعده، ثم تفطِن إلى أن كلُه بعين الله، فتسلّم الأمر له.

في الصيف المُنصرم كنتُ قد اشتريت طيوراً أربع، طيورٌ ملونة صغيرة ومبهجة للنظر، وقد عقدتُ معهم صداقة وطيدة، لقد أضافوا شعوراً طيّباً في أرجاء المنزل، ينتشرُ صوت زقزقتهم فيلوّن الأثير من حولنا. لكُلٍ منهم شخصية متفرّدة تختلف عن صاحبه، أحدهم مشاغب مرح، كثير الحركة ولا ينفك يزعجُ الآخرين بنقرةٍ أو حركةٍ ما، والآخر صامتٌ كثير الطيران، يتباهى بقدراته الجناحيّة بغنج. بينما الثالثة تشبه البطة في مشيتها وتجلسُ في الأرجوحة الخاصة بها داخل القفص ولا تكاد تغادرها إلا حين تدخل لبيتها الخشبيّ الصغير، وتشبه الرابعة الصفراء صغار الدجاج، نحيلة وقليلة الحيلة لا نشاطات مميزة لديها. لكُلٍ منهم اسم، ولكُلٍ منهم ميزته الاستثنائية.

صباح الأمس وبعد أن تجهزّتُ للذهاب إلى العمل، مررتُ على المكان الذي هم فيه، حيثُ يقيمون في قفص أُبقيه مفتوحاً يخرجون منه ويرجعون إليه وقتما يشاؤون. للوهلة الأولى، أرتجف قلبي، أحدهم مفقود! شُلّت أنفاسي وأنا أراه ملقىً على أرضية القفص، ممدداً ومتحجراً، جناحيه مضمومان نحو جسده، كان منكباً على وجهه... لم أتمالك نفسي ولم أدرِ ما أفعل. بدأتُ أبكي كالأطفال، تهطلُ دموعي تباعاً دون توقف، يا إله هذه الروح، ماذا أفعل! كان أهلي نائمين، الصباح لا يزال باكراً، ولقد فُجع قلبي به. أردتُ أن أضمره في التُراب بأسرع فرصة ممكنة، أردت مواراة جسده الأخضر الصغير، وحيث أننا لا نملكُ حديقة، لففته بمنديل ووضعته خارج المنزل، لم أشأ أن يبقى قرب الآخرين، فإن الحيوانات تتألم عند الفقد وتبكي روحها ... أخبرتُ أبي أن يدفنه لاحقاً، وقد فعل، وندمت بعدها لأني لم أحتفظ بريشةٍ منه...

تساءلت، إن كانت أجسادنا نحنُ البشر تتحلل وتتآكل، فهل يحدثً الأمر ذاته مع الريش؟ هل تتحول أداة الحرية لسجنٍ خانق؟ هل يأكل التُراب تدرجات الأخضّر المصفر؟ وكيف تخرُج روح طيرٍ صغير مثله، كيف بدأ الأمر، وكيف انتهى؟ وفي أي ساعةٍ من الليل ارتحل مهاجراً نحو الأبدية المُطلقة؟ وهل سينتظرني هناك؟ هل سيظهر أمامي شغبه ومرحه كما اعتاد أن يفعل؟ هل سيتذكرني؟ كنتُ أغازله وأحاكيه كأنه طفلي المدلل... قد لا يفهم أي شخص لا يملك علاقة وثيقة بنوع أو عدة أنواع من الحيوانات هذا النوع من المشاعر، لكن للحيوانات قدرة عجيبة في جعل القلب يأنس بها.

لم أملك يومها إلا التوكّل، تذكرتُ مناماً رأيته قبل فترة، كان فيه صوتُ تلاوةٍ خاشعة لسورة الرحمن، وقد تكرر مقطع "كُلُ من عَليها فان" مرات عدّة، وقد علِق في مسمعي منذ ذلك اليوم. فكُلُ من عليها فان، وكلُ شيءٍ هالكٌ إلا وجهه، وكلنا أرواحٌ مجسدة، تعيشُ شطراً من قدرها ثم ترتحل، وآهٍ أيها الطائر الأثير، هلا تنتظرني هناك؟ أعدُك، سأكونُ روحاً خضراء مثلك.

الانسان
قصة
الحياة
الموت
الايمان
القيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    آخر الإضافات للكاتب (ة): مريم حسين العبودي

    فُرادى بين الجموع

    فُرادى بين الجموع

    الإثنين 16 آيار 2022/ 547
    نحنُ الوطن

    نحنُ الوطن

    الأحد 01 آيار 2022/ 707
    إعلانُ البراءة

    إعلانُ البراءة

    الإثنين 25 نيسان 2022/ 881
    آمِنة.. منهلُ النور

    آمِنة.. منهلُ النور

    الثلاثاء 19 نيسان 2022/ 721

    آخر الاضافات

    في مواجهة العواصف الترابية: جندي عراقي يزرع الأشجار لحماية البيئة

    الثقة المتبادلة بين الآباء والأبناء.. مشاعر تمنحهم الأمان لتربية صالحة

    الكتابة المسمارية: أدب بلاد الرافدين

    جمعية المودة تقيم ندوة حول التربية الاستراتيجية في منهج الإمام الشيرازي

    الأكثر قراءة

    • 24ساعة
    • اسبوع

    الكتابة المسمارية: أدب بلاد الرافدين

    • 453 مشاهدات

    الثقة المتبادلة بين الآباء والأبناء.. مشاعر تمنحهم الأمان لتربية صالحة

    • 448 مشاهدات

    في مواجهة العواصف الترابية: جندي عراقي يزرع الأشجار لحماية البيئة

    • 435 مشاهدات

    جمعية المودة تقيم ندوة حول التربية الاستراتيجية في منهج الإمام الشيرازي

    • 1275 مشاهدات

    النمش: متى يكون خطيرًا

    • 1254 مشاهدات

    التوتر المالي.. ماهو وكيف تعالجه؟

    • 1177 مشاهدات

    ثقافة الحوار.. للفهم أم للرد؟

    • 1137 مشاهدات

    اليوم العالمي للاتصالات ومجتمع المعلومات.. التحول الرقمي في الأوقات الصعبة

    • 728 مشاهدات

    روزا صالح.. من طالبة لجوء إلى عضوة في المجلس البلدي الاسكتلندي

    • 725 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    009647714768158
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • اعلام
    • صحة وعلوم
    • ثقافة
    • تربية
    • منوعات
    • خواطر
    • الصور

    اهم المواضيع

    في مواجهة العواصف الترابية: جندي عراقي يزرع الأشجار لحماية البيئة
    • منذ 16 ساعة
    الثقة المتبادلة بين الآباء والأبناء.. مشاعر تمنحهم الأمان لتربية صالحة
    • منذ 18 ساعة
    الكتابة المسمارية: أدب بلاد الرافدين
    • منذ 18 ساعة
    جمعية المودة تقيم ندوة حول التربية الاستراتيجية في منهج الإمام الشيرازي
    • الإثنين 23 آيار 2022

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2022
    2022 @ بشرى حياة
    facebook twitter youtube instagram telegram