الأشخاص الذين يعرفون أنهم يمتلكون الكثير من الطاقات الكامنة هم الذين يؤمنون أن لديهم مخزوناً هائلاً من الطاقة الإضافية استخراجها واستثمارها، أن يحققوا ما يشبه المستحيل.
يعتقد أن كل إنسان يمتلك ذاتين في داخله:
أحدهما ذهنية، وأخرى عملية ويرى أن نجاحنا يعتمد أحياناً كثيرة على العلاقة بين الذاتين، أن نؤمن بوجود «ذاتين»، كما يرى هؤلاء، إلا أن مما لا شك فيه يمتلك الإنسان أحياناً قدرة جديدة لم تكن لديه، وطاقة إضافية، وبتلك الطاقة يستطيع التخلص من الكارثة المحتمة أحياناً واحد منا يحتفظ في ذاكرته بمواقف كثيرة مرت عليه، ولولا تلك لأصيب فيها بالموت المحقق نذكر قصة أحدهم في هذا السياق:
في وقت قد انتصف الشتاء، والصقيع أنزل الحرارة نحو عشرين درجة تحت الصفر كان «تيموثي غالوي»، وهو شاب من ولاية كاليفورنيا يقود سيارته على طريق منعزلة في الغابات عندما نظر فلم ير حول الثلج من كل جانب فتوقفت سيارته وطوال الدقائق العشرين التي مضت في الطريق لم يكن «غالوي» قد صادف أي سيارة في الشارع، فقدر أن البقاء داخل سيارته لا طائل وراءه، فرأى أن أمله الوحيد هو الخروج منها بحثاً عن نجدة، ولم يكن يرتدي سوى سروال وسترة رياضيين، لكنه ترك السيارة وشرع يركض في الطريق التي أتى منها وصفعه الهواء البارد، وشله، فتوقف وسط ذلك القفر وهو يخشى أن يموت ولا يراه أحد.
وبعد دقائق على تلك الحال قرر أن يقاوم الخوف عبر القبول به وتحويل إلى أمور أخرى وقال لنفسه: «إذا كنت سأموت حقاً، فإن قلقي لن يبدل وفجأة فتح عينيه على الجمال الذي يحيط به، واستسلم لهدوء الليل، ضوء النجوم، وظلال الأشجار فوق الثلج ومن غير أن يدري، وجد نفسه من جديد ويركض وقد تجدد نشاطه وظل يركض نحواً من أربعين دقيقة بلغ منزلاً يسكنه أناس طيبون، استضافوه بكرم بالغ .
لم يدرك «غالوي، آنذاك أن تلك الطاقة الداخلية الغريبة التي تولدت فيه نحو مفاجئ سنكون أساساً لطريقة يبتكرها ويدعوها «الرياضة الداخلية»، بعد سنوات من العمل كرياضي وأستاذ للرياضة، تحقق من أن العامل أنقذه تلك الليلة الرهيبة قبل سنوات إنما كانت عبارة عن قوة كامنة لدى جميعاً، قوة فاعلة إن هم عولوا عليها.
وفي السنين العشر التالية وضع أسس استخدام تلك الطاقة كي تعين الناس على الحياة جميعاً، وشرح ذلك في حلقات دراسية ومقابلات تلفزيونية وضعها بمفرده أو بالاشتراك مع آخرين، وقد أعانت طريقته كثير من الناس على التزام أنظمة حمية، وتحمل وظائف مملة، والقاء الخطب وسوى ذلك.
لقد اكتشف غالوي مبادئ «الرياضة الداخلية»، وهو على ملعب كرة المضرب (التنس)، وكان قائداً لفريق كرة المضرب في جامعة هارفارد بعد أربع سنوات من الخدمة في البحرية عاد إلى رياضته كلاعب محترف في أ أحد النوادي، ولم ينقطع عن ابتكار وسائل لرفع شأن فريقه، وسرعان ما تنبه لصوت له وهو يلعب: «هيا، الآن احمل المضرب جيداً، هذه ضربة مسددة كتلك التي لم تستطع ردها المرة السابقة..» بهمس.
يقول الرجل: (أدهشني أن أكتشف أن في داخلي نداءين مختلفين، لربما ينطلقان من ذاتين مختلفتين: إحداهما تلعب كرة المضرب، والأخرى تقول للأولى كيف يجب أن تلعب)، وأطلق على تينك الـهـويتين اسمي: «الذات الأولى» و«الذات الثانية». الذات الأولى لغوية وذهنية، ووظيفتها إدراك الأصول التي تقوم عليها أي لعبة أيضاً تصدر الأحكام ويسرها أن تقرر ما هو الجيد، وما هو الرديء أو المهم.
أما الذات الثانية فهي تجمع العقل والحواس والأعصاب والعضلات، هذا التجمع الذي يجعل تحقيق أي عمل ممكناً، وعلى رغم أن الذات الأولى تقرر إذا كنا نريد تعلم كرة المضرب، أو العمل على الآلة الكاتبة، أو بيع الأدمغة الإلكترونية، إلا أن الذات الثانية هي التي تتولى تعلم هذه الأمور وتنفيذها، وغاية أي نشاط نقوم به هو تحقيق توازن سـلـيـم بـيـن الذات الأولى والذات الثانية.
وقد لاحظ غالوي أنه عندما يلعب كرة المضرب على أفضل وجه، فإن الذات الثانية ترمي الكرة وتردها على الأصوات تختفي من ذهنه، وهذا يعني نحو تلقائي والواقع أننا اختبرنا جميعاً هذا النوع من الإنجاز الرائع في وقت أو آخر، في الأوقات التي «ننسى ذاتنا» فلماذا لا تكون كل أوقاتنا هكذا؟ لماذا لا نجعل من أوقاتنا كلها ظروفاً لإنجازات رائعة؟ من هذه الفكرة انطلق غالوي، وشرع يختبر نظريته على نفسه، وعلى تلاميذه في ملعب كرة المضرب وسرهُ سرعان ما تبين له أن تحقيق ما ينشد وقف على إسكات الذات الأولى.
ذلك أن تعليماتها وشكوكها وهواجسها ونقدها تعمل على إرباك الذات الثانية غير أن إسكات الذات الأولى ليس بالأمر السهل، فمعظمنا يظن أن هذا الصوت المدوي داخل ذاته الحقيقية لكن الواقع أنه إذا استطعنا تنحية الذات الأولى في الوقت المناسب، فإن الذات هو الثانية تتمكن من تأدية دورها على غير وجه، بل هي تجترح المعجزات. ولكن كيف يمارس المرء هذه الرياضة الداخلية؟
في ما يأتي خمسة مبادئ مختصرة في ذلك:
١ ركز على النقطة المهمة
٢ ثق بنفسك
٣ ركز على ما يحصل هنا والآن
٤ لا تجعل النجاح هاجساً مقلقاً
٥ لا تشك في إمكاناتك
اضافةتعليق
التعليقات