بدرٌ آخر انزله الله بعنايته ولطفه على أهل الأرض، نجما ساطعا أضاء السماء بحكمة الله وكرمه، فتبادلت الملائكة التهاني مستبشرة، وابتهج بيت آل محمدٍ بقدوم ابن الزهراء (ع) الثامن، ونال السرور قلب الأمام الكاظم (ع) وهو يضعه بين يديه الكريمتين وتأمل وجهه الصبوح المبارك قمر الأفكار وشعاع الدين ثم رده لأمه (نجمة) قائلا لها: (خُذِيه، فَإِنَّهُ بَقِيَّةَ اللهِ فِي أرضِهِ) بعد أن أذَّن في أُذنِه اليمنى، وأقام في اليسرى، وحنكه بماء الفرات.
فهنئت الأرض السماء بولادته، وغردت العصافير سرورا، ونثرت الورود عبيرها احتفالا، وأهتزت السنابل طربا، وأعلنت المدينة ولادة القائد الصالح فتناثرت التبريكات والتهاني كماء ورد بين المؤمنين ومحبي آل بيت رسول الله، لقد ولد قرة أعين المؤمنين وغيظ الملحدين ثامن الأئمة ابن الأمين الزاهد.
باب علمٍ جديدة فتحها الله لبني البشر كرما ورحمة من عنده ليغرس في قلوب المؤمنين الأخلاق والتقوى والعلم لتثمر وتضلل عليهم، فسماه أباه الأمام موسى الكاظم (عليه السلام) بـ (علي) َتَيَمُّناً باسم جده أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلّين علي ابن ابي طالب (ع)، ولقبه بـ (الرضا) وكناه بـ(أبي الحسن).
وتعددت الروايات في يوم ولادته الكريمة وهي واحدة من الايام الثلاثة:
إحدى عشر ليلة خلت من ذي القعدة: 11 / 11 / 148 هـ.
إحدى عشر ليلة خلت ذي الحجة: 11 /12 / 153 هـ.
إحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول: 11/3/151 أو 153هـ.
وفي هذه الايام المباركة يجتمع شيعته المؤمنين ليذكروا خصاله الحميدة وفضله العالي ومناقبه الحسنة التي كرمه الله بها وأهل البيت (ع) فتتعطر مجالسهم بسيرته وذكره الطيب.
وكان في أسماء وألقاب حجة الله ووليه القصص والعبرة والحكمة ونذكر بعضها اسم:
الرضا..
يذكر في الحديث عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن موسى (عليهم السلام) أن قوماً من مخالفيكم يزعمون أباك إنما سمّاه المأمون(الرضا) لما رضيه لولاية عهده
فقال: كذبوا والله وفجروا، بل الله تبارك وتعالى سمّاه الرضا، لأنه كان رضياً لله عز وجل في سمائه، ورضياً لرسوله والأئمة من بعده صلوات الله عليهم في أرضه.
قال: فقلت له: ألم يكن كل واحد من آبائك الماضين (عليهم السلام) رضاً لله تعالى ولرسوله والأئمة (عليهم السلام)؟ فقال: بلى.
فقلت: فلم سمّي أبوك من بينهم الرضا؟
قال: لأنه رضي به المخالفون من أعدائه كما رضي به الموافقون من أوليائه، ولم يكن ذلك لأحد من آبائه (عليهم السلام) فلذلك سمّي من بينهم.
فكان عدوه وصديقه راضين عنه وعن سلوكه.
غريب الغرباء..
وجاء لموارد كثيرة:
١- غربته عن الوطن.
٢- غربته في أهله لان بعضهم آذى الأمام بصورة مفجعة.
٣- غربته بين أصحاب أبيه لان الكثير منهم خانوا به.
٤ -غربته في قصر المأمون لأنه كان ظاهره قصر وباطنه سجن وكان تحت الاقامة الجبرية.
٥ -غربته في عشيرته لأنهم آذوه وافتروا عليه.
٦ -غربته في نوع الفتنة التي استعملها المأمون.
٧ -غربته في الواقع الذي كان يراه من خطط المأمون بإهلاك عائلته كـ فاطمة المعصومة عليها السلام وغيرهم ولا يستطيع أبلاغهم.
ضامن الغرباء..
يذكر أن الشيخ حسن النجفي قال: لقد نفد ما عندي من مال حينما كنت في مشهد المقدسة وعند الضريح المطهر، وعلى حين غرّة سمعت أحداً ينادي بلسان فصيح: لا تحزن، إذ كل إمام هو مظهرٌ لأحد الأمور، وعلي بن موسى الرضا ضامن الغرباء.
ضامن الظبية..
قصة فيها عبرة وحكمة مفادها أن صياداً إصطاد ظبية، فلاذت الظبية بمقام الإمام
وطلبت منه أن يضمنها لتذهب وتسقي صغيرها لبناً ثم تعود، فضمنها الإمام
لتذهب وبعدها ترجع إلى الصياد.
...................................................................
المصادر/ كتاب بحار الانوار للعلامة المجلسي
اضافةتعليق
التعليقات