وسط قفير البيداء وفي حر الهجير صرخ صرخة استدعى فيها جنوده، جاؤوه من كل بر وبحر فزعين، مستوحشين صرخته التي لم يسمعوا مثلها مُنذ أن عصى ربه وطُرد من الرحمة، ما لسيدنا مُضطربا لهذا الحد؟ لأي الأمور استدعانا تحت أشعة الشمس المُذيبة؟ ما اسم هذه المنطقة؟ تساؤلات لم يجرأ أحدهم على نطقها بصوت مسموع، يجوبون المكان بأعينهم، بساط رملي على مد النظر وغدير يُصارع ماءه أشعة الشمس، وجمع من بني آدم يهتفون مُهنئين بخٍ بخٍ، نطق أحدهم: سمعاً وطاعة سيدنا!
بإنفعال يُجيب: أما ترون الملائكة تحف بأجنحتها النبي وتطوف حوله، وهذا جبرائيل مُستبشر وبجواره ميكائيل يُسبح الله ويثني عليه، ألا يُغضبكم هذا؟
سيدي هذه ليست المرة الأولى التي تحوط الملائكة بآخر الأنبياء، أما جبرائيل فيكاد لا يُفارقه فهو يتمنى خدمته في كُل حين.
صارخاً يقول: ويحكم اجتماعهم هذه المرة لأمر عظيم، لو تم لخارت قوانا وما تمكنا من التأثير على بني آدم، أما ترون هبوط الملائكة وإستبشارها مادام النبي آخذا بيد علي وهو يدل قومه على النور الذي يهدي للحق بعده؟ أما سمعتم من قبل النبي وهو يقول (ياعلي أنت الصراط المستقيم) هو هذا الصراط الذي أقسمت لرب العزة أني سأقعدن لعباده عنده حتى أبعدهم عنه، اليوم قد تمت الحجة ولم يبقَ عذرا لي فمن أين آتي بحيلة لأبعدهم عن الصراط المستقيم؟ لن يُعصى الله أبداً بعد هذا اليوم إن تم امر الوصي وأطاع جميع المسلمين.
أحد جنوده محاولاً تخفيف قلقه: أنت كُنت لآدم، في الأثناء نطق أحد أبالسة الأنس: أنه ينطق عن الهوى، فأيده من حوله المنافقين وبدأوا يطعنون بأمر الله ويحرفون الناس عنه، فقال الآخر: أنه لمجنون، حتى طُرب أبليس واستبشر أنه قد وجد هناك من يمكنه أن يبتعد عن الطريق المستقيم وهذا بحد ذاته معصية كبرى وطريق للعصيان المستمر .فجمع جنوده مرة أخرى وقال بطرب: أما علمتم أني كنت لآدم من قبل؟ قالوا: نعم قال: آدم نقض العهد ولم يكفر بالرب وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا بالرسول، حيث إن يوم تنصيب وصي آخر الانبياء في السماء يُسمى بيوم العهد المعهود.
وبقي الشيطان قلقا حتى قُبض النبي صلى الله عليه وآله، وشهد هو اجتماع أبالسة الجن والأنس في السقيفة فوقع الإختيار على غير الوصي الحق أقام أبليس إحتفالاً وبه لبس تاج الملك ونصب منبراً، فقال لهم: أطربوا لا يطاع الله حتى يقوم الإمام.
وهكذا هو في طرب ما دامت الناس على غير الولاية حتى تقوم دولة الحق على يد الوصي ابن الأوصياء.
وفي الختام تذكير: كُل تقاعس عن الغدير بنثر سعادة أو إقامة إحتفال أو نشر ثقافة الولاية إنما سبب ذلك وسوسة شيطانية وطاعة إبليسية ولكم الخيار .
اضافةتعليق
التعليقات