"مسألة المرأة العازبة لها مصاديق كثيرة وأسباب لحصول هذه الظاهرة والتي هي في حالة تزايد مستمر ونمو، من أسبابها مثلا الوضع الأمني في البلد الذي ذهب ضحيته الكثير من الرجال فمقابل ذلك الكثير من النساء التي لا تحضى بفرصة الزواج، ومن الأسباب أيضا الوضع الاقتصادي وهو في حالة من التردي المستمر، وهناك ندرة في فرص العمل وهناك تزايد في مؤشر البطالة وهذا سينعكس حتما على إقبال الشباب على الزواج، وبالتالي ترتفع معدلات العزوبة من جهة أخرى نتيجة عزوف الشباب عن الزواج، أيضا تصاعد الطائفية بشكل كبير فالشباب كان لا يسال عن دين وعن تقليد الفتاة في السابق، هناك أيضا مسالة النزوح القصري فكانت سبباً كبيرا لتنامي تلك الفكرة، أيضا بروز فكرة الهجرة إلى الخارج بالتالي الشاب يغادر فكرة الزواج، وهذا غيض من فيض وهناك أيضا غلاء المهور وأزمة السكن وبعض العوائل تحيط نفسها ببعض الأمور البرجوازية، أيضا هناك الأعراف العشائرية والقبلية".
هذا ماقاله الدكتور علاء الحسيني التدريسي وأستاذ القانون الإداري في جامعة كربلاء- كلية القانون والباحث في مركز آدم، في ملتقى النبأ الاسبوعي حيث عقد مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات ملتقاه الفكري تحت عنوان (المرأة العازبة وحقوقها الإنسانية في العراق) وذلك بمشاركة العديد من الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية الذي يُعقد كلّ سبتٍ بمقرّ مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام.
وأضاف:
"في إحصائية بسيطة تشير إلى أن معدل الطلاق في كربلاء المقدسة وحدها ولسنة (2016) فاق العدد(4000)حالة طلاق، وهذه مسالة تؤشر خطورة فهذه الفئة من النساء تشكل قنبلة موقوتة في المجتمع، فلابد من استيعاب هذه الفئة ودراسة الأسباب الحقيقية ومحاولة معالجتها، وبالتالي هنالك تنظيم قانوني وحقوقي لحقوقهم الإنسانية، وأول حق من هذه الحقوق هو الأمن الإنساني، وانه تعيش هذه الفئة حالة من حالة الأمن الإنساني على حقوقها ومعيشتها وأمنها الاجتماعي والصحي، أيضا بعدها الشرعي هو بعد واسع جدا فمراجعنا العظام وعلى رأسها سماحة المرجع السيد الشيرازي وأثناء مراجعتنا إلى كتبه، وهو دائما ما يؤكد على خطورة غلاء المهور وضرورة معالجتها بمعالجات آنية ومستقبلية، بالتالي هناك غاية من تشريع الزواج عند الشارع المقدس وعند الله سبحانه وتعالى، والغاية بالتأكيد ستتخلف عند حصول العلاقة الزوجية".
"وبالتالي أن المرأة العازبة كفرد لها حقوق ولخصوصيتها لها حقوق، لذلك لابد أن يكون هناك رعاية حقيقية وأن يكون هناك تشخيص للأسباب، وأن تكون هناك دراسة حقيقية للمشاكل التي نتجت في العراق ما بعد حرب داعش، وذلك للقضاء على ما خلفته ظاهرة التطليق الإجباري أو الغلاء الاقتصادي أو ما حصل من تداعيات أمنية أو ما إلى ذلك".
لذى لابد من دراسة هذه المشكلة ووضع الحلول الحقيقية التي من الممكن استنتاجها من خلال الأسئلة التالية:
السؤال الأول: كيف انعكس الواقع العراقي بكل تجليات على حقوق المرأة العازبة؟
تصنيف المرأة العازبة إلى ثلاثة أنواع
- الحقوقي احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات "يصنف موضوع المرأة موضوع هام وهو لا يخص الشأن العراقي فقط، الشيء الآخر لقد تم تصنيف المرأة إلى ثلاثة أنواع وهي العنوسة والتي ترجع لأسباب اقتصادية، والنوع الثاني هو الطلاق ومراده الوضع الاجتماعي والاقتصادي، والنوع الثالث هو الأرامل التي يحظى العراق بنسبة عالية من جراء الحروب التي خاضها هذا البلد، وبالتالي هي خلفت وراءها جيش جرار من الأرامل والثكالى والأيتام".
يضيف جويد "وبالنتيجة المشرع العراقي لم يستطيع وضع الأسس الأساسية لتلافي تلك الظاهرة ومحاولة احتوائها، بالتالي من واجبنا نحن كمنظمات مجتمع مدني وقيادات دينية التصدي لتلك الظواهر كون المرأة تمثل المجتمع بأكمله، لذا على الدولة العراقية أن تعطي للمرأة فسحة من الحرية لإثبات ذاتها وكينونتها، وأيضا علينا كمجتمع إسلامية أن نفصح عن ذلك السفر الخالد من القيم التي يضعها الإسلام تحت تصرف المرأة، أخيرا على الإعلام أن يتناول هذا الموضوع بالشكل الذي يليق بالمرأة".
الحلقة الأضعف في المجتمع
- الشيخ مرتضى معاش المشرف العام على مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام "يرى أن حقوق المرأة الإنسانية والاجتماعية منتهكة وهي تعتبر الحلقة الأضعف في المجتمع، حيث ان فرص المرأة العازبة قليلة جدا بالقياس الى الرجل العازب، اليوم هناك أربعة أنواع للمرأة العازبة الأرملة المطلقة العانسة والزوجة المهملة التي يهملها زوجها، والشيء الآخر أن عملية البحث عن فرص في الحياة بما يناسبها كرامة المرأة تكاد تكون قليلة قياسا مع الرجل، وذلك بسبب الحروب الكثيرة التي مر فيها العراق وهناك أيضا الإرهاب، بالإضافة إلى ذلك انفتاح العراق في ظل أجواء العولمة وبروز مفاهيم جديدة والانفتاح الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، هذا مما أدى إلى ظهور قيم جديدة في المجتمع زادت من حالات العنوسة والطلاق والإهمال الزوجي".
المرأة العازبة تنتهك حقوقها بشكل اكبر من الرجل العازب
علي النواب إعلامي "يصنف المرأة كونها مهمة من وجهة نظر إنسانية، إلى جانب ذلك فإن المرأة العازبة تنتهك حقوقها بشكل اكبر من الرجل العازب، خصوصا وأن المجتمع يتعامل مع الرجل بطريقة استثنائية قياسا مع المرأة، أيضا المحاضرة استطاعت أن تلم بجميع جوانب الإشكاليات التي تعترض طريقة المرأة العراقية، التي عانت الأمرين من حزمة الانتهاكات الوضعية والتشريعية والاجتماعية فضلا عن الإرهاب والحروب، بالتالي نحن أمام مجزرة تتعرض لها النساء العراقيات".
ولي أمر المرأة لابد أن يكون بمستوى المسؤولية
فاضل الحكيم، إعلامي "ذكر قضية مهمة وهي أن ولي أمر المرأة لابد أن يكون بمستوى المسؤولية، كي يحقق للبنت مستلزمات اختيار الشخص المناسب بعيدا عن الأعراف الاجتماعية والعشائرية والقبلية، أيضا بعض أولياء الأمور يمارسون سطوة على البنت المطلقة، بالتالي هذه الأشياء تعد ثقافة متعسفة بالضد من المرأة".
الباحث حيدر الجراح مدير مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث "المفترض أن يكون العنوان العزوبية لتشمل كلاهما اي الذكور والإناث، أما بخصوص الإحصائية المذكورة والتي تعنى بنسب العازبات اللاتي يقعن ضمن سن الزواج، وهنا ثمة تساؤل مطروح فلو كانت تلك النسبة تشمل النساء غير المتعلمات او غير العاملات او المعنفات فهل ستتصدر عناوين المراكز البحثية ام لا، أيضا الورقة تضمنت بعض الخلط بين حقوق الإنسان وبين حقوق المواطنة".
ظاهرة العزوبية ليست حكر على العراق
حيدر الاجودي، باحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية "يعد ظاهرة العزوبية ظاهرة متنامية في كافة البلدان العربية وليست حكرا على العراق، ففي لبنان مثلا تبلغ نسبة العزوبية (85%) بسبب الظروف الاقتصادية والعزوف عن الزواج، اما في فلسطين فنسبة العزوبية تصل إلى (8%) بسبب الإقبال الشديد على الزواج ولأسباب وطنية، أيضا المرأة لم تتمتع بحقوقها الاجتماعية ونشاطها الاقتصادي، بالتالي أن المرأة لم تظلم فقط من الحكومات بل من المجتمع الذكوري أولا ومن الدستور العراقي، لذا فهي ليست حبيسة الدار والمطبخ بل هي حبيسة الإرهاب الفكري والجهل".
السؤال الثاني: ما هي الحلول الآنية والمستقبلية وعلى الصعيد الرسمي وغير الرسمي اللأزمة لتقويض مخاطر هذه الظاهرة؟
حيدر الجراح "يعتقد بأن المحاضرة لم تتناول الأسباب الحقيقية، الشيء الآخر هل من المعقول على الرجل المتزوج أن يستفرد برأيه دون أن يأخذ مشورة زوجته خصوصا وان مساهمته في القتال تؤدي إلى مقتله وتيتم أطفال وترمل زوجته، وهنا بطبيعة الحال من النادر أن توافق زوجة على مشاركة زوجها بالقتال".
احمد جويد "يعتقد بأن الحلول على المستوى الرسمي هو التشريعات الصحيحة في هذا المجال، وعلى المستويات غير الرسمية هو تمكين المرأة من العمل بالدرجة الاولى والتعلم من الدرجة الثانية".
الشيخ مرتضى معاش "يتصور أن الحلول ليست رسمية بالمقام الأول بل هي اجتماعية، وذلك يتم من خلال تشجيع المنظمات والمؤسسات غير الحكومية على القيام بتزويج العازبات، وأيضا تقوم على الاستشارات الزوجية قبل وبعد الزواج والعمل على حل المشكلات الزوجية، وبتوجيه مباشر من علماء الدين ومن الدولة، وأيضا هذه المؤسسات تقوم بتوفير سكن وتوفير فرص عمل، الشيء الآخر وجود باحثين ومستشارين اجتماعين لمواجهة حالات التعسف في المجتمع، من ناحية اجبار البنت على الزواج وانتهاك حقوق المرأة الزوجية، وهذه كلها تحتاج إلى توضيح خاصة من ناحية الطلاق، بالإضافة إلى ذلك لابد أن تكون هناك مؤسسات تعمل على تطوير قدرات ومهارات المرأة وايجاد الفرص المناسبة لها للعمل، كي تكون امرأة منتجة وهذا ما عمل عليه السيد المرجع الشيرازي أثناء وجوده في كربلاء والكويت وإيران من خلال تأسيسه للمؤسسات الاجتماعية والاقتصاد وتحريض الناس على ذلك".
علي النواب "يجد أن الحلول كثيرة ومتنوعة وهي لا تغيب عن بال الكثير، وبالتالي لابد من رفع الوعي لدى الشعب بكل مكوناته حتى يتمكن من إنتاج تشريعات وقوانين تضمن حقوق المرأة العازبة، وهذا الأمر يمكن تنفيذه من خلال الأسرة والمدرسة والمجتمع".
فاضل الحكيم "يرى أن الحلول تعتمد على الأب اولا ومن ثمة القادة وعلى المشرع القانوني وعلى رجال الدين، أيضا لا يمكن أنكار دور المنابر الحسينية التي بإمكانها أن تكون عنصر فاعل في تغيير قناعات الناس على النحو الايجابي، بالإضافة إلى ذلك الأسرة يقع عليها واجب توعية الفتاة بمسؤولية تكوين أو تأسيس أسرة".
اضافةتعليق
التعليقات