أثبت الواقع العملي علاقة حميمة بين الإعاقة والإبداع وظهرت حالات عديدة بين المعاقات السيدات تؤكد هذه النظرية بل وتتخطاها إلى ما هو أعمق وأهم, فعندما تُحرم إحدى هؤلاء من إحدى النعم أو الحواس تنمو لديها حواس بديلة تعوضها عما ينقصها.
ولا نبالغ إن قلنا إن الفتيات من ذوي الإحتياجات الخاصة لا يقل حماسهن ولا عزمهن عن نفس الفئة من الرجال ذلك أنها تتساوى في صفة الحماس مع الرجال ويزيد عليها إصرار الأنثى على التميّز.
الإعاقة لم تكن يوماً حاجزاً لإحلامي:
نور حيدر,22عاماً, واحدة من هؤلاء اللاتي أثبتن أن الإبداع لا يرتبط بالمواصفات الجسمية بل إن الإعاقة كان لها أكبر الأثر في دفعها نحو تحقيق الهدف مهما كان صعباً.
تقول: لم تمنعني الإعاقة الحركية من ممارسة رياضة الجومناستك, وأنا أول لاعبة جومناستك لذوي الإعاقة في العراق.
الإعاقة لم تكن يوماً حاجزاً لأحلامي بالعكس تماماً, كانت ولا زالت الشيء الذي يضفي الجمال لحياتي ولشخصيتي.
تقول نور إن رعاية واهتمام من هم حولها جعلها فخورة بنفسها, وعائلتها من أوائل الداعمين والمشجعين لها.
وتنصح جميع الفتيات من ذوي الإحتياجات الخاصة بأن لايستسلمن ويجعلن الإعاقة حاجزاً أو سبباً لعدم تحقيق أحلامهن, مضيفةً: "أن الإعاقة هي سبب لنعيش الحياة بتميّز جميل, لا أن نعيش الحياة بتذمر وقلق".
أيقنت بأن الأمل هو رهام:
رهام ناظم, واحدة من النماذج التي تحدّت الإعاقة وحققت حلمها, عندما كان عمرها سنتان أصابها شلل الأطفال, شلّ أطرافها السفلى عن الحركة, عاشت طفولتها بين عيادات الأطباء وأروقة المستشفيات, لم يكن هناك بصيص أمل, بأن رهام ستشفى وتُحرك أطرافها, لكنها أيقنت بأن الأمل هو رهام..
حيث قالت: "في طفولتي لم أشعر بأنني مختلفة عن الأطفال, كنتُ ألعب معهم بطريقتي الخاصة, أحكي لهم قصص حتى يبقوا بقربي, هذه الأطراف لا تتحرك لكن لا يعني أنني لا أستطيع اللعب, أو الدخول إلى المدرسة, رأت عائلتي بأن دخولي للمدرسة فيه صعوبة لكن أثبتُ لهم بأنني قادرة على ذلك, قال لي والدي بأن كلية الصيدلة هي الوحيدة التي تناسب حالتكِ.. حددتُ هدفي بأن أدخل كلية الصيدلة تعبت وأجتهدت ودخلت كلية الصيدلة.
وهنا كان التحدي أكبر, دخلت رهام الجامعة ولكن في محافظة أخرى, ليس بقرب عائلتها، لابد لها أن تسكن في الأقسام الداخلية, في هذا الصدد تحدثت لنا قائلةً: "دخلتُ الجامعة وسكنتُ في الأقسام الداخلية, كنتُ أقوم بكل الاحتياجات لوحدي من طبخ وغسيل وتنظيف, كان القسم الداخلي يبعد عن الكلية مسافة ربع ساعة, كنتُ أذهب للكلية على الكرسي المتحرك, تحملتُ برد الشتاء وحرارة الصيف, تجاهلتُ نظرات الناس بين متعجب ومستغرب وبين من يحمل الشفقة والتعاطف معي, واجهتُ الكثير من الصعوبات سواء بالدراسة أو بحياتي الخاصة, لكن لا أريد أن أذكرها لأنها صغيرة جداً أمام إرادتي, ليس هناك إنسان عاجز؛ العجز نحن نصنعه بأنفسنا, كونوا أقوياء".
تجاهلت رهام أسئلة الناس المحرجة وسحقتها بعجلات كرسيها المتحرك, وتحدّت الظروف وأصبحت "الصيدلانية رهام ناظم" لافرق بينها وبين الفتيات الأخريات.
اضافةتعليق
التعليقات