يمكن أن تبدأ العلاقة السيئة مع الرياضيات في وقت مبكر من حياة الطفل، وقد يتفاقم القلق أو الافتقار إلى الثقة عند التعامل مع الأرقام بمرور الوقت، فيتحول من رهاب المدرسة الابتدائية إلى عقبة مهنية.
دراسات حديثة اكتشفت أن بعض القدرات الحسابية لا تتشكل في الفصل الدراسي. وفقاً لبحث جديد، هناك جذور بيولوجية أعمق.
هل مهارات الرياضيات وراثية؟
نعم ولا.
درس العلماء لعقود، تأثير الطبيعة مقابل التنشئة على قدرات الطفل.
تمثل الطبيعة مجموعة المهارات التي نولد بها (الجينات داخل حمضنا النووي)، وتمثل التنشئة ما يمكننا تحقيقه بمفردنا، بغض النظر عن شيفرتنا الجينية.
في دراسة أجرتها Nature Communications، تبين أن ما يصل إلى 50% من قدرة الطفل على التعلم، هي في الواقع وراثية.
واكتشف العلماء في ألمانيا أن نحو خُمس القدرة الحسابية يمكن إرجاعه إلى حجم المادة الرمادية في الدماغ، بتأثير جين يسمى ROBO1.
يرتبط هذا الجين بتطور حجم المادة الرمادية في القشرة الجدارية اليمنى، وهي منطقة من الدماغ تشارك في تمثيل الأرقام، حسب الورقة التي نُشرت في دورية PLOS العلمية.
كانت الأنماط في حجم المادة الرمادية، بدورها، مرتبطة بشكل إيجابي بنتائج اختبار الرياضيات عندما وصل الأطفال المشاركون في الدراسة إلى الصف الثاني الابتدائي، وتراوحت أعمارهم بين 7 و9 سنوات.
وعندما قام العلماء في البداية بقياس المادة الرمادية في أدمغة الأطفال، كانت أعمارهم تتراوح بين 3 و6 سنوات، ولم يتم تدريبهم رسمياً على الرياضيات.
ونظراً إلى أن المتغيرات المختلفة للجين ROBO1 تؤثر في حجم المادة الرمادية، اقترح الباحثون أن هذا الحجم قد تحدد الأساس الخفي لمستوى أدائهم في الرياضيات.
في المقابل، تقول أستاذة مشاركة في جامعة بيتسبرغ، ميليسا ليبرتوس، إن الجينات قد تؤثر في القدرة الحسابية. وتوضح لموقع Inverse أن الحالات الجينية مثل متلازمة ويليامز، أو متلازمة الهشاشة X، أو متلازمة تيرنر ترتبط بضعف القدرات الحسابية.
وتشير إلى متلازمة عسر الحساب، وهي إعاقة في تعلُّم الرياضيات، حيث يكافح الأطفال لتنمية حس أساسي بالأرقام.
ووجدت دراسة أُجريت عام 2001 على 39 طفلاً يعانون من عسر الحساب، أن 66% من الأمهات و40% من الآباء و53%من الأشقاء و44% من الأقارب من الدرجة الثانية، عانوا أيضاً من هذه الحالة.
لكن ماذا عن النصف الآخر؟ وهل يتعادل النصفان؟
على الرغم من أن الشيفرة الجينية تساعد على فهم الرياضيات ومعالجة العمليات الحسابية، فإنها بالتأكيد ليست أكبر مساهم في النجاح.
عند مقارنة السمات المكتسبة بالصفات الجينية، فإن "العمل الجاد والتحضير والثقة يجعلان الطلاب أفضل"، حسب ما نشره موقع My Ed Resource التعليمي.
وهو ما يمكن ترجمته بأن الإنسان يملك سيطرةً أكبر على نجاحه الحسابي أكثر من حظه الذي سيرثه في الجينات.
علاوة على ذلك، تشير دراسة أجرتها جامعة بوردو، إلى أن الطلاب الذين لديهم "توجُّه تدريجي" (أو يعتقدون أن قدرتهم على التعلم قابلة للتحسن) يحصلون على درجات أعلى ولهم مشاركة أكاديمية أعلى.
لذا يمكن للآباء الذين عانوا هم أنفسهم في الرياضيات أن يتنهدوا الآن الصعداء.
تاريخ الرياضيات لدى الآباء لن يتكرر بالضرورة مع الأبناء. إذن كيف يمكننا تنشيط سمات الرياضيات المكتسبة في طفلك؟
هي الطريقة نفسها التي يتعلم بها الطفل العزف على البيانو أو لغة جديدة: الممارسة والجد. حسب عربي بوست
الرياضيات.. سيدة العلوم ولا يُستغنى عنها أبـــداً
مادة الرياضيات التي يطلق عليها البعض لقب «سيدة العلوم» تعد من العلوم المهمة التي لا يمكن أن يستغني عنها أي فرد، مهما بلغ عمره وكانت ثقافته، لأنها تشغل حيزاً مهماً في الحياة، بغض النظر عن درجة رقيها. والرياضيات ركن أساسي من ثقافة الإنسان وتفكيره، وعليه يعتمد في إنجاز الشؤون ومختلف العلوم والأعمال في حياة الفرد اليومية، فقد ساهمت الرياضيات بنجاح تام في مختلف مجالات حياة الإنسان وثقافته ومخترعاته. ولكونها لغة عالمية معروفة بتعبيرها ورموزها الموحدة عند الجميع تقريباً، فلقد أثبتت العلوم الرياضية إمكانيتها في حل المشكلات الصناعية والزراعية والتربوية والاقتصادية في عالمنا المعاصر.
على الرغم من أهميتها كما أسلفنا، إلا أن كثيراً من الطلبة لا يحبون هذه المادة، ويجدون صعوبة في استيعابها. ولديهم اعتقاد بأن الرياضيات صعبة ولا فائدة لها في الحياة. وبالتالي فهم يعزفون عن الالتحاق بأقسام العلوم والرياضيات في الجامعات.
عزوف الطلبة عن دراسة الرياضيات ليست مشكلة في وطننا العربي فقط، فبالرغم من ثقل هذه المادة ووضعها في مقدمة اهتمام النظم التربوية، فإن الدول سواء المتقدمة منها أو النامية، تعانى معاً مشكلة عزوف طلبتها عن دراسة العلوم والرياضيات.
وذلك لصعوبة هذه المواد وما تحتاجه من وقت كبير في التحصيل. ومن أمثلة هذه الدول الولايات المتحدة الأميركية، فقد أوضحت دراسات عدة هناك وجود تناقص وعزوف عن دراسة العلوم والرياضيات، فمثلاً في الرياضيات في ولاية ألاباما تناقص عدد الطلبة من 28% في الصف التاسع إلى 2% في الصف الثاني عشر.
وكذلك ولاية كاليفورنيا تناقص عدد الطلبة فيها من 56% في الصف التاسع إلى 1% في الصف الثاني عشر. أما في أستراليا فهناك عزوف أيضاً عن المواد العلمية، وذلك لأسباب مرتبطة بالمتغيرات الاجتماعية والتكنولوجية والاقتصادية الهائلة، وكذلك بسبب ضعف النظام التعليمي والمنهج الدراسي والمعلم. وهو موجود في أوروبا والصين أيضاً، والأسباب لدى كل هذه الدول متشابهة.
دور المعلم
في دراسة متخصصة أكد بعض الباحثين أن المعلم يلعب دوراً كبيراً في تحبيب وترغيب الطلبة بالمادة، وذلك عن طريق تغيير الاتجاهات السلبية الموجودة لديهم. فالطالب قد تكون لديه اتجاهات سلبية نحو المادة، سمعها من والديه أو أشقائه أو أقرانه مثل (مادة الرياضيات صعبة الرياضيات تحتاج إلى مجهود شاق الرياضيات فيها مسائل معقدة الرياضيات تحتاج إلى تفكير معقد - مهما تفعل فلن تفلح في الرياضيات ).
وهذه الاتجاهات تعقد الطالب حتى قبل أن يخوض هذا المضمار، وذلك لأن عقله الباطن قد تبرمج على هذه العبارات السلبية، فيستجيب لها الطالب، ويكون حينها غير مستعد لاستقبال المعلومات الرياضية.
وللمعلم دور في توضيح أهمية المادة، فإذا أدرك الطالب أهمية الرياضيات في حياته، ساعده ذلك على حب هذه المادة و فهمها. وعلى المعلم أن يقدم قدر المستطاع المادة، بطرق وأساليب تحبب وتجذب طلبته للمادة، بحيث يجدوا في هذه الطرق المتعة والفائدة في الوقت نفسه، ويمكن للمعلم أن يخصص بعض الوقت للترفيه والتسلية لطلبته بين الحين والآخر، لخلق جو مناسب لتلقي المعلومة واستيعابها.
العزوف والأمن القومي
كشفت دراسة علمية حديثة بعنوان «بناء القاعدة العلمية لمصر، وروافدها التعليمية في المستقبل.. دراسة في مستقبل تعلم الرياضيات والعلوم» صادرة عن مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط عن تهديدات تواجه مصر عام 2030 في بناء قاعدة علمية وتكنولوجية متقدمة، بسبب تدهور حال التعليم بشكل عام، وتراجع تعلم الرياضيات والطبيعة والعلوم الأساسية بشكل خاص. وأكدت الدراسة أهمية التفوق العلمي في مجال العلوم والرياضيات الأساسية والتذكير بالمكاسب والفرص، التي تلوح في أفق المجتمعات الناهضة.
والتحذير من المخاطر المترتبة على عزوف الطلبة عن تعلم الرياضيات والفيزياء والعلوم الأساسية، وتقديم برنامج مقترح لتعلم العلوم والرياضيات الأساسية حتى عام 2030، الهدف منه رد الاعتبار لهذه العلوم، ورصد وتتبع التوقعات المستقبلية لها، ومحاولة تقدير احتياجات البرامج التكنولوجية المختلفة التي حددتها الرؤية المستقبلية لمصر عام 2030 من الخبراء والعلماء والمهارات البشرية، ومدى قدرة النظام التعليمي في مصر. حسب البيان
اضافةتعليق
التعليقات