يقول الفيلسوف جيم رون، "إن هناك مصدرين رئيسيين للألم في هذه الحياة، أحدهم هو النظام والآخر هو الندم، وإذا كان الألم الناشئ عن النظام يزن ذرات، فإن الألم الناشئ عن الندم يزن أطناناً، وذلك عندما تسمح لحياتك تمضي هباءً وتضيع سدى، وعندما تنظر إلى الماضي قائلا:
(فقط لو كنت انتهزت فرصة العمل تلك)، (فقط لو فعلت كذا أو كذا)".
من بين الأمور التي تجعل الإنسان يتحسر على ما فاته ولا يستطيع بلوغ ما يريده ويتمناه هو الخوف والتردد واللامبالاة والكسل وفقدان الشهية للعمل والإنتاج، كلها مشاعر تكتسح وتقوض الهمم بسبب الإحباط والإخفاق والروتين، والمقترح القيم بحسب ما وصفه مؤلفي كتاب (قوة التركيز) ويعدونه أداة قوية لتوسيع المدارك والذي يبدأ بتساؤل، هل واتتك من قبل فكرة جيدة في منتصف الليل؟.
ستجلس على سريرك بينما تتسارع الفكرة في ذهنك، وعادة لا يتاح لك أكثر من ثواني معدودة لتدوين هذه الفكرة قبل أن تفقدها، وإلا سيحدثك هاتف داخلي: "عد الى النوم، فالساعة الآن الثالثة صباحاً!".
في الواقع إنك قد تعود إلى النوم ثم تستيقظ بعدها بساعات وتكون قد نسيت فكرتك الرائعة كلياً.
هذا هو السبب لاستخدام كتاب للأفكار من أجل مراجعة أفكارك في أي وقت تريد حتى الأقوال المأثورة التي قرأتها والقصص التي تساعدك على تفسير الأشياء بطريقة أفضل، ولا يقتصر الأمر على تدوين أفكارك وإنما تدوين النجاحات في الحياة والإخفاقات.
كيف تستفد من تدوين النجاحات والأخطاء؟
بعد أن تدون النجاحات والأخطاء، ضع خطا أحمر أسفل بعض الكلمات أو العبارات وأضف هذا التعليق: (لا تقل هذه مرة أخرى) (لاتفعل هذه مرة أخرى).
وفي النجاح إذا قمت بعمل له أثر بالغ في نجاحك فاكتب عوامل النجاح التي قادتك لاختبار هذا الشيء، وكلا المثالين سوف تعمل على تدعيم مقومات النجاح وأسباب الإخفاق وتبقى حاضرة في ذهنك.
اقتراح آخر لتكون أكثر وعيا بما يدور حولك، والأمر الذي سوف يمنحك رؤية واضحة بشكل فائق، هي الرؤية الواضحة للأمور التي تساعد على اختيار الأفكار وتجسيدها على الواقع مهما كانت بعيدة المنال أو صعبة.
ويقترح لنا كتاب (قوة التركيز) اقتراحا آخر وهو أن تجعل أول ما تقوم به في الصباح ولمدة عشر دقائق أن تسجل مشاعرك، وتضمن الكلمات التي يمكن استخدامها لوصف المشاعر: متلهف، حزين، سعيد، غاضب، متحمس، محبط، نشيط، استخدم صيغة المضارع كما لو كنت تتحدث إلى نفسك.
واستخدم لغة الأنا:"أنا فرح جدا لأني اكملت عملي بوقت قياسي، أنا أشعر باللهفة اليوم لأن ابني سيقود السيارة بمفرده لأول مرة، أنا مرتاح لأنني قمت بعمل خيري، أنا متحمس لأن اليوم سأعمل بوظيفة جديدة وهكذا، فعندما تكون مدركا لمشاعرك، تصبح أكثر تواصلا مع مواقف الحياة اليومية وأكثر وعيا بما يدور حولك.
كيف اصبحوا ناجحين؟
قصة بطل الفيلم الشهير (القناع)، فطن ذات يوم الممثل الاميركي الكوميدي (جيم كاري) أنه يستطيع أن يقلد ممثلي الكوميديا كما أنه يستطيع أن يلوي جسده ووجهه ليأخذ أوضاع غريبة ورغم قدراته الكبيرة لكنه كان يشعر بضعف الثقة بالنفس وأخذ هذا الإحساس منه سنتين وهو في صراع معه لكنه قرر أن يعمل على تحسين تركيزه باستخدام التخيل.
فقد حرر لنفسه شيك بمبلغ مليون دولار "مقابل خدماته" ووضع عليه تاريخ الاستحقاق، ثم احتفظ به في جيبه وعندما كانت الظروف تشتد عليه، كان يجلس في مكان هادئ ويتخيل نفسه، نجما سينمائيا كبيرا ويعيد قراءة الشيك ليذكر نفسه بما سوف يحققه من ثروة كبيرة.
والأمر المثالي أنه فعلا بعد سنوات وقع عقدا بأكثر من عشرة مليون دولار ليقوم ببطولة فلم (القناع) ومتى كان ذلك؟
كان ذلك تاريخ مطابق تقريبا لذلك الذي حدده في الشيك الذي احتفظ به في جيبه لمدة طويلة.
قصة بيتر الفقير
ولد بيتر دانيلز في استراليا لأبوين فقيرين كانا يتلقيان أعانات من صندوق الرعاية الاجتماعية، التحق بيتر بأحدى المدارس الابتدائية الواقعة في مدينة اديلبد باستراليا الجنوبية وبسبب ضعف تحصيله العقلي فقد كان يجد صعوبة في فهم الكلمات وتكوين الجمل.
ونتيجة لذلك كان المدرسون ينعتونه بالغبي، دون أن يحاول أحد منهم الوقوف على الأسباب أو العوامل التي أدت إلى تاخره الدراسي بل إن الأمر قد وصل إلى أن إحدى المدرسات كانت تجعله يقف امام تلاميذ فصله وتقوم بتوبيخه بقسوة قائلة له: "إنك ولد سيء، ولن تصل إلى شيء ابداً".
وهذا التعامل قد افقده احترامه لنفسه وتقديره اياها وجعله يخفق في دراسته تماما.
وقد اختار في بداية حياته أن يصبح عامل بناء، وبعد أعوام قرر أن يعمل لحسابه الخاص وكان قد تزوج وأصبح ربا لإسرة صغيرة، فشل مشروعه الأول بشكل مثير للشفقة والرثاء، وأصبح مفلسا في غضون عام، لم ينل هذا الفشل من عزيمته أو يثبط من همته.
وأعاد الكرة مرة ثانية وبعزيمة وإصرار اندفع مرة ثانية لينتهي بالفشل عند هذا الحد وأصبح لديه سجل حافل بالاخفاقات يفرضه للافلاس ثلاث مرات في غضون خمسة أعوام.
والكثير من الناس قد يرفعوا الراية البيضاء للاستسلام ولكن كان بيتر لسان حاله يقول (إنني أتعلم ويكفيني أنني لم أرتكب أحد الأخطاء مرتين)، ثم قرر أن يعمل في بيع العقارات السكنية والتجارية، وكانت مهارات الاقناع إحدى المهارات التي اكتسبها، فقد كان مروجا بارعا بالفطرة يستخدم الدقة في الانتقاء والذكاء في التفاوض وجانب كبير من براعة الاقناع أفرزتها الحاجة إلى التعامل مع سيل لم يكن ينقطع من الدائنين الذين كانوا يطالبون بالسداد وخلال عشر سنوات امتلك أسهم وسندات تساوي ملايين الدولارات.
كلما كانت صورك واضحة ومحددة زاد احتمال أن تظل مركزا عليها وأن تحقق النتائج التي تريدها.
فكن مبدعا فيما تضعه من صور وحاول أن تستكشف طرقا مختلفة لتدعيم رؤيتك وتصورك.
اضافةتعليق
التعليقات