برغم مشاكسة الاطفال ونشاطهم الدائم الذي يؤدي الى تخريب اغلب ما حولهم، إلا ان خوفهم من عقوبة الاهل يرتسم على وجوههم ما إن يكسروا شيء او يفسدوه، قد يحزنوا قبل ان توبخهم، يبكون قبل ان تعاقبهم.
برغم خطأهم قد تسامحهم في اغلب الاوقات لما تراه منعكساً على وجوههم من ندم على مافعلوه.
هل تعلم؟
اننا نحتاج الى هذه الصفة الطفولية في كل تفاصيل حياتنا؟ نحتاج ان نحزن لسوء افعالنا قبل ان يعاقبنا الله؟
أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الامر، واوضح انه من صفات المؤمن، ذلك في وصيته لإبي ذر الغفاري رضوان الله تعالى عليه: (يا ابا ذر، إن نفس المؤمن اشد ارتكاظاً من الخطيئة من العصفور حين يُقذف به في شركه).
حيث يوصي رسول الله بالهلع من الذنب، حيث يؤكد صلى الله عليه وآله ان قلب المؤمن حين اقتراف الخطيئة يرتجف اكثر من ارتجاف قلب العصفور حين وقوعه في فخ الصياد.
رسول الله في وصيته هذه يقول (الخطيئة) ولم يقل الذنب او المعصية، وفي هذه الكلمة توصية لعدم استصغار الذنب، ودرس من دروس المحاسبة للنفس، فإن الناس يتفاوتون في اضطرابهم من الذنوب فقد يجيب البعض عندما يُسأل لماذا اذنبت؟ بأنه لم يرتكب الكبائر وانه مجرد ذنب صغير متأملاً ان يغفر الله تعالى له ولا يحاسبه عليه!.
في حين ان الائمة الهداة اكدوا على ان استصغار الذنوب بحد ذاته من كبائر الذنوب، روي عن مولانا الصادق عليه السلام: (اتقوا المحقرات من الذنوب فإنها لا تُغفر).
وعند قول رسول الله (نفس المؤمن) دليل على ان الاضطراب والخوف عن ارتكاب الذنوب شرط من شروط الايمان، عكس من يقضي نهاره وهو يرتكب الذنوب دون ان يتحرك قلبه خوفا ثم ينام هادئ البال.
يُنقل ان هناك شخص له مكانة علمية رفيعة فقد كان استاذ في علم من العلوم، وكان معروف بشخصيته التربوية حيث يعمل على تربية النفس وتهذيبها، في يوم من الايام شاهد طلابه ظاهرة غريبة منه، وهي امساكه بمسبحة وانشغاله بترديد ذكر من الاذكار، مرت الايام وهو على هذا الحال، قلق طلابه من تصرفه هذا فسأله بعض منهم عن السبب، وماهو نوع الذكر الذي انشغل به، فلم يجبهم.. كرروا السؤال مرة ثانية وثالثة ورابعة وبعد اصرارهم اجابهم: إن الذي اقوم به ليس ذكراً من الاذكار، وانما اقوم بمخاطبة نفسي وتقريعها بشدة، وذلك لأنني منذ فترة طويلة وانا اجاهد نفسي في مقابل المعاصي المختلفة، ولكن المعاصي تهاجمني ونفسي تميل برغم مقاومتي المستمرة لها، فأقول لنفسي: صرت شخصاً مشهوراً واستاذ مرموقاً ولكنك لم تصبح (ادمياً) بعد!.
هذا يعني ان المعاصي تسلب الانسان قيمته الحقيقة التي خلقه الله تعالى من اجله، مع المعاصي لن يكون الشخص ذلك الانسان الذي يحبه الله تعالى.
الامر يحتاج الى تفكير عميق، قد يصل الانسان الى مكانات دنيوية مرموقة، ولكن لن يكون الانسان الذي اوجده الله تعالى ليكون خليفته في الارض.
نحتاج ان نسأل انفسنا في كل يوم: هل انا ذلك الانسان المثالي الذي يريده الله تعالى؟ هل انا مرضي عنده؟ هل انا حقاً مُتبع في كل سلوكياتي لمحمد وآله الطاهرين؟ هل اصبحت انسان حقيقي؟.
اضافةتعليق
التعليقات