حلَّ علينا شهر فيه الروح تتنفس الدعاء، وهي تتلو كتابه وما كتب فيه من أروع السور والعبر، ففيه يكون العبد أقرب لخالقه لرب رحيم يغفر الذنوب، مجيب الدعوات، شهر تتلى فيه آيات تسمو حباً في أرواحنا، ففي كل صفحة تجد معانياً كثيرة تعلمك الحب والتسامح والعطف على الآخرين، والكثير من العبر والقصص العظيمة، لنتعلم منها في هذه الدنيا الفانية، بأنها أيام تمضي ونحن فيها كالمسافرين.
لذا علينا أن نبدأ صفحات جديدة ولتطوى تلك الصفحات ولنجعلها بيضاء لا تجد فيها نقطة سوداء. فهذا الشهر الكريم تزهر به الحياة من جديد رغم عطش الأجساد، لتُمحى به كل سيئة وذنب قد ارتكبته، وتذهب بكل همٍ فكرت فيه.
وقد وُصف رمضان بشهر الرحمة والغفران، شهر الطاعة للمعبود والتقرب إليه أكثر من كل يوم في حياتنا، لكن وما أن بدأت تقترب تلك الليالي منا، وجدت الجميع لم يكن تفكيره مشغولا بكيفية التعامل مع كل آية يتلوها؟ أو كيف يتزود منها ليزرع في قلبه عشقه لتلك الحروف الروحية؟ أو كيف ينظم وقته للتقرب من ربه اللطيف بالعباد؟.
حتى كيف يقسم أجزاء آياته الكريمة وهي العلاج الفعال لكل مرض وهم وغم وكل ما يصيبك من حزن وألم، فالقرآن هو الشفاء الوحيد لكل داء وكما جاء فيه: (وإذا مرضت فهو يشفيني).
وقد وجدت أن توجه الناس إلى المشتريات واضحا! إلى التبضع والتسوق وكأننا مهددون بحرب أو لا توجد لقمة نأكلها بعد! ألم نكن نأكل من قبل شيئاً!؟ لما يصيبنا الجوع فيه، وكأنما يأتي هذا الشهر للأكل والشرب، رأيت الكثير قد بدؤوا يتحضرون للتسوق ويشترون الاشياء بآلاف الدنانير، الغالية والرخيصة منها، ورغم ذلك أجد السوق قد ارتفع فيه الغلاء في الأسعار، لكن البشر لم يهمهم هذا الأمر، فالمهم أن يأكلوا ويعبئوا بطونهم بتلك الأطعمة الدسمة، ولا أعرف هل هو شهر لقراءة القرآن؟ أم هو لأكل ما نشتهي.
عجبت للناس لما ذلك؟!
ولم أعتب على الناس، فقط أعلن لومي عليهم، بل وجدت كل أقربائي وأهلي كذلك!
لذا علينا أن نعد العدة لشهر رمضان، شهر الله المبارك الذي يعلمنا فيه عطش وجوع الفقير المسكين، الذي لا يجد أحد يحس ويشعر بما فيه، فلو كانت لديه لقمة واحدة ستكفيه، ليكون قربنا إلى الله، لأجل نفوسنا وأرواحنا التي غداً تغدو إليه طالبة منه الرجاء والرحمة، وطالبة غفران كل ذنب وكل معصية عملناها، لنحمل آياته الرحيمة ولنسقى من طهارة آياته طهارة نفوسنا.
فلنرفع ايدي الدعاء ولنطلب العفو الخلاص والثبات على دينه وأن يبلغنا شهره ويرضى عنا.
فاللهم أحسن خاتمتنا وأهدِنا إليك وأخرج منا حب الدنيا يا الله.
اضافةتعليق
التعليقات