عندما تريد أن تخاطب العالم أجمع فلا بد أن تختار لغة يتعامل بها الكون بأسره حتى يصل الصوت ويأخذ حيزه في القلوب قبل الأسماع وهذا ما فعله الحسين عليه السلام حين أسمع العدو قبل الصديق بقواعد إنسانيته.
كثيرة هي الكتب التي استشفت من ثورة كربلاء قصصا وعبر وحكم ورؤى، منهم من عرف الحسين شجاعة وآخر ثورة ومنهم من رآه طبيبا لعلة بدنه وغيره وجده دواء لقلبه، وتتعدد الصور التي يرسمونها لفكر الامام وتختلف مضامينها وتتنوع آراءهم في تلك القضية.
ومن الآراء الجميلة رأي الدكتور كريس هيور (أستاذ العلاقات الاسلامية المسيحية) حيث يقول: لفهم أهمية الإمام الحسين نحن بحاجة الى أن نعود بالنظر الى زمن النبي (ص) نفسه، لدينا هنا حديث للنبي محمد (ص) يتيح لنا استشعار أهمية هذا الأمر، يقول في إحدى المناسبات اعظم الجهاد كلمة حق في وجه سلطان جائر، هذا هو أعظم تحدي لأي انسان أن تكون فعليا في مواجهة الطاغية ولا تخضع له وهذا ما كان يدور في ذهن الحسين في المدينة مع مجتمعه وكان يعلم أنه ستتم مواجهة بعد فترة قصيرة جدا بأمر تقديم البيعة ليزيد الذي تيقن من كونه غير كفؤ لقيادة الأمة على الاطلاق.
الجميع يقبل أن يزيد مثال سيء جدا عن حياة فرد مسلم ناهيك عن قائد اسلامي! كان يعصي أوامر الله جهارا، كان يجاهر بمخالفة الشريعة، وتلك أزمة قيادة، وأزمة في تقرير كيف ستكون ردة فعلك حينما تواجه الظلم والطغيان.
كمجتمع من الطبيعي ان يكون لدينا تاريخ فنحن لم نبدأ من جيلنا الحالي فقط ويمكننا النظر الى الوراء لنرى كيف عاش سابقينا، ويمكننا أن نتخذ منهم أمثلة كما يمكننا أن نأخذ تحذيرات منهم، هذه هي الملابسات التي أودت بهؤلاء الناس للقيام بهذه الأمور الفظيعة وهذا هو الشخص الذي في هذه الظروف تفاعل بهذه الطريقة الرائعة والنبيلة.
إن تذكر تلك الأحداث وحفظها وإحياء ذكراها تمنحنا أمورا لنتفكر على اساسها في خضم حياتنا البشرية المعاصرة، أنا كمسيحي أيضا اريد أن آخذ العبر من تذكر الأحداث التي وقعت في كربلاء من أجل أن نتذكر هذا اليوم، لدينا تعبير يقول: أن نجعل هذا اليوم مقدسا ليس بمعنى إن ماحدث شيء رائع لكن مقدسا بمعنى أن هذه لحظة عميقة من التاريخ البشري وبهذا نتذكر ونبقيها حية في الوجدان، كلمة تذكر لا تعني فقط أنا استرجع الوقائع بل تعني على نحو أعيشها من جديد إنها تعيش في حياتي ووجداني فهكذا انا اعكس ما تعنيه هذه الأحداث بالنسبة لي وكيف تخاطب وضعي الانساني الحالي.
ويقول الاب نديم نصار (مدير مؤسسة الوعي_ برطانيا): كربلاء بالنسبة لي هي معركة ورمز للتصادم بين يزيد الذي اعماه طمعه وطموحه السياسي فلم يعد يرى مكانة وأهمية دور الامام الحسين لذلك عندما حارب الامام الحسين في كربلاء وأبناءه وأصحابه وكان على استعداد حتى للذهاب الى حد قتلهم فقد مثَّل أقبح وجه للدمج بين الدين والسياسة (أي استغلال الدين غطاءا لأجل السياسة).
كما علمتني كربلاء كقس مسيحي أن أحذر لأن لا ينحدر ايماني الى منزلق المنافسة على السيطرة على حياة الناس، الامام الحسين واجه بشجاعة وبطاقة هائلة من الايمان الفساد الذي دخل على الدين وأنا أرى واعتقد ان فساد الافضل يكون ناتجه الاسوء وإن الفساد في الدين يمكن أن يكون شيطانيا ويزيد كان مثالا في ذروة الفساد في الدين بينما الامام الحسين كان مثالا في ذروة طهر الايمان.
لا أعتقد أن رسالة الامام الحسين تقتصر على عرق أو أمة او حتى دين بل هي رسالة للإنسان أجمع.
اضافةتعليق
التعليقات