من المعلوم أن من أهم واجبات زمن الغيبة هو إنتظار الفرج ذاك الإنتظار الذي يعني بإختصار التمهيد للظهور المبارك وكل منتظر يعيش أملًا بأن يُدرك تلك اللحظة التي يرى فيها الحق ابلجًا ويُكحل نظريه برؤية نورِ وجههِ أمامه، ولكن ماذا لو مات هذا المنتظر قبل الظهور؟ّ هل يذهب إنتظارهُ وجهدهُ وتعبهُ سداً، هل تبقى رؤية إمامه بهي الطلعة حسرة تتكسر في صدره؟.
الجواب هنا عدة نقاط، النقطة الأولى حيث إن إنتظار الفرج يمثل منهجًا متكاملًا للحياة من حيث الإعتقاد والسلوك الفقهي والأخلاقي وعلى جميع المستويات فتكون الثمرة للإنتظار هو نجاح الفرد في التزامه بالتكليف الإلهي ليخرج من الضرر المحتمل توجهه إليه فيما إذا وقع في مخالفة المولى عز وجل وذلك ضرر يتمثل بنار جهنم والعياذ بالله فإلتزام الفرد بنظام الإنتظار يخلصه من نار جهنم ونعمة الثمرة، هذه النقطة الثانية أن الإنتظار في الحقيقة يمثل مشروعًا ذا حلقات متتالية فأنت تمثل الحلقة في هذا المشروع واستلمها منك أنا مثل حلقه ثانية ليأتي الثالث فيُكمل المسيرة وهكذا وبالتالي فحتى لو مات الفرد قبل الظهور فإنهُ سيكون قد أدى دوره في هذا المشروع وكان سببًا من أسباب إستمراره.
وكما قال رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم): من سن سنة حسنة فلهُ أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقصوا من إجورهم شيء.
النقطة الثانية إن نفس الإنتظار فيه ثواب عظيم يحصل عليه الفرد سواء أدرك الظهور أو لا فإن الفرد سينال ثوابه في الدنيا وبعد مماته، فقد ورد أنهُ قال سيد العابدين (عليه السلام): من ثبت على موالاتنا في غيبة قائمنا أعطاه الله عز وجل أجر ألف شهيد مثل شهداء بدرٍ وأُحد. وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من مات منكم على هذا الأمر منتظراً له كما كان كمن كان في فسطاط القائم (عليه السلام).
النقطة الرابعة، صرحت بعض الروايات بأن هذا السؤال كان يقلق مضاجع بعض المؤمنين في زمن المعصومين (عليهم السلام) لذلك كانوا قد توجهوا للأئمة (عليهم السلام) بالسؤال عن هذا الأمر وقد ألقى إليهم الأئمة جوابًا يثلج الصدور ويبرد الغليل؛ أن المؤمن المنتظر إذا مات قبل ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) فإنهُ سيُبشر بذلك وهو في قبره وقد يخيروه في الرجوع إلى الدنيا لنصرة القائم (عليه السلام) وهذا ما أشارت إليه الروايات الشريفة نذكر منها كالتالي:
ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) وهو يتحدث عن زمن ظهور مبارك ولا يبقى مؤمن ميت إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره وذلك حيث يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم (عليه السلام) وعن المفضل بن عمر قال ذكرنا القائم (عليه السلام) ومن مات من أصحابنا ينتظره، فقال لنا أبو عبد الله (عليه السلام) إذا قام أتى المؤمن في قبره، فيقال له يا هذا إنهُ قد ظهر صاحبك فإن تشأ أنت الحق به فالحق وإن تشأ أن تُقيم في كرامة ربك فأقم.
وفي نفس السياق جاء عن الإمام الباقر (عليه السلام): وإن لِأهل الحق دولة إذا جاءت ولاها الله لمن يشاء منا أهل البيت فمن أدركها منكم كان عندنا في السلام الأعلى وإن قبضه الله قبل ذلك {خار له}، فقوله (عليه السلام) يراد منه ما أشارت له الرواية السابقة من التخيير بين البقاء أو الرجوع والله العالم.
اضافةتعليق
التعليقات