حليمة عدن اشتهرت بأنها أول امرأة مُحجّبة تُشارِك في مسابقة ملكة جمال مينيسوتا بالولايات المتحدة الأمريكية حيث بلغت الدور نصف النهائي، بعد مشاركتها في المسابقة؛ حظيت حليمة باهتمام دولي ما مكّنها من التوقيع على عقدٍ معَ شركة إيه إم جي (بالإنجليزية: IMG).
وُلدت عدن في مخيم كاكوما للاجئين في كينيا، هي صومالية الأصل كانت قد انتقلت إلى الولايات المتحدة رُفقة أسرتها حينمَا بلغت السادسة من عمرها ثمّ استقرت في سانت كلاود بمينيسوتا، التحقت حليمة بمدرسة أبولو الثانوية وفازت فيما بعد بفضلِ تصويت زميلاتها وزملائها بصفتها ملكة جمال المدرسة، في الوقتِ الحالي، وإلى جانبِ عملها كعارضة أزياء تُكمل حليمة عدن دِراستها في جامعة سانت كلاود الحكومية.
أثارت عدن اهتمام وسائل الإعلام المحليّة بعدَ مُشاركتها في مسابقة ملكة جمال مينيسوتا في الولايات المتحدة الأمريكية لتصبحَ بذلك أول متسابقة في تاريخِ المُسابقة ترتدي البوركيني والحجاب، لقد رأى بعض المحللين في هذ الخطوة بمثابة تحرك نحو التنويع في صناعة ملابس عارضات الأزياء.
في العام الموالي وقّعت عدن عقدًا لمدة ثلاث سنوات قابل للتجديد معَ شركة إيه إم جي وفي شباط/فبراير 2017 ظهرت حليمة لأوّل مرة في أسبوع الموضة في نيويورك، عملت حليمة منذ ذلك الحين معَ العديد من المصممين والمُصمّمات بما في ذلك ماكسمارا وألبرتا فيريتي كما شاركت في عام 2016 في أسبوع الموضة في ميلانو وكذا أسبوع الموضة في لندن.
ظهرت فيما بعد على غِلاف عددٍ من المجلات وعلى رأسها أمريكان إيجل وغلامور كما تُعدّ أول عارِضة محجّبة تُشارك في أسابيع للموضة فضلًا عن توقيعها لعقودٍ معَ عددٍ منَ الشركات والوكالات..
تقول حليمة: "أحاول الصلاة خمس مرات في اليوم، ولكني لا أنجح في هذا الأمر دائما، أتذكر نفسي أثناء أسبوع الموضة في نيويورك وأنا أركض حاملة بيدي سجادة وأبحث عن مكان للصلاة وغالبا ما يكون هذا المكان هو غرفة تبديل الملابس".
أثناء أسبوع الأزياء المحتشمة في اسطنبول، كانت حليمة لا تفوّت فرصة للتحدث مع أي شخص يمر قربها، أو أخذ صور شخصية مع العاملين على عرض الأزياء عن طيب خاطر لكنها كانت تسير برفقة مديرة أعمالها وحارسها الشخصي، ومحاطة بمصورين ومصممي أزياء.
تبلغ حليمة عدن 22 عاما وأصبحت أول عارضة أزياء محجبة تظهر على غلاف مجلة فوغ البريطانية، ورغم أن طول حليمة لا يتعدى 166 سنتمترا ، وهو أقل بكثير من المقاسات المطلوبة عادة من عارضات الأزياء ، إلا أن ماركات تجارية فاخرة تدعوها باستمرار للمشاركة في عروضها، وقبل عامين، أصبحت أول عارضة أزياء محجبة في العالم توقع عقدا مع واحدة من أكبر وكالات الأزياء.
تقول حليمة: "لا تغيري نفسك، بل غيّري قواعد اللعبة"، فهدفها جعل صناعة الأزياء أكثر شمولية لفتح الطريق أمام الفتيات ليصبحن عارضات أزياء في جميع أنحاء العالم بغض النظر عن انتمائهن العرقي أو الديني، "لو لم أخض اختبارات الأداء فما كانوا ليختاروني في أي عرض، لم أفقد عزيمتي لأني أحمل إيماني معي دائما، فالإيمان هو ما يمنحني الثقة بالنفس"، هكذا تعبر حليمة عن نجاحها.
تسألها المراسلة: ما أهم العبر في القرآن بالنسبة لك؟
تجيب حليمة بلا تردد: "لا تطلق أحكاما على الناس أبدا، فالله وحده القادر على الحكم. ساعد الناس وامنحهم الحب، التفاعل مع أولئك الذين لا يشاركونك معتقداتك والذين ينظرون إلى الحياة بطريقة مختلفة عنك جزء مهم من إيماني".
وتضيف عدن: "نشأت في مخيم للاجئين، وأدركت أنه يمكن لكل هذه الحياة الفاخرة أن تنتهي بلحظة، وأنا مستعدة للحظة كهذه".
تعيش عائلة حليمة في ولاية مينيسوتا التي تضم واحدة من أكبر الجاليات الصومالية في الولايات المتحدة، وتتذكر قائلة: "اعتقد أصدقائي في أمريكا أنني أميرة صومالية لأنني كنت أخبرهم كيف انتقلنا باستمرار من منزل إلى آخر في كينيا. لم يعرفوا أن المنازل التي عشنا فيها كانت مصنوعة من قناني بلاستيكية ومن ركام الأبنية. كان ذلك كل ما استطاعت والدتي العثور عليه".
وتضيف: "سخر زملائي مني وقالوا إنني أرتدي غطاء رأس لأن شعري متسخ كما كانوا يلقون نكات عن الإرهابيين، لكن كما تعلمين كنا في الثانوية"..
تقول حليمة: "أردت دائما المشاركة في مسابقة ملكات الجمال، لكنني صومالية ولم يسبق لأي واحدة منا اتخاذ مثل هذه الخطوة. وبعد المسابقة أخبرت أصدقائي أنه بإمكانهن ارتداء بوركيني والشعور بالثقة وإن كن واقفات إلى جانب شابات أخريات يرتدين ثياب السباحة المكشوفة إننا على الأقل نبدو مختلفات، لكن لا أحد يستطيع أن يحرمنا من فرصة تجربة شيء جديد".
وبعد المسابقة، تلقت حليمة عرضا للتعاون مع واحدة من أكبر وكالات الأزياء في العالم وهي (IMG Models)، ووافقت عليه لكنها وضعت شرطها: ارتداء الحجاب عند مشاركتها في التصوير والمشي على منصات العرض "ارتديت الحجاب منذ الطفولة، لذا فهو بالنسبة لي جزء لا غنى عنه في خزانة ملابسي، كما هي الحال مع الأحذية التي لا يمكن الخروج دونها".
ولدى حليمة متطلبات صارمة تتعلق بالثياب التي تعلن عنها؛ فمعتقدها لا يسمح لها أن تكشف إلا عن وجهها ويديها وقدميها علنا، وقد كتب ذلك في عقود عملها.
وتضيف حليمة: "أرغب بتسهيل عمل المصممين غير المعتادين على العمل مع عارضات مثلي. كنت في السابق أحمل معي دائما حقيبة مليئة بأغطية شعر مختلفة وياقات قمصان وجوارب طويلة. أسافر دائمًا مع مديرة أعمالي، والتي ينبغي أن تكون امرأة دائما فتساعدني في تغيير الملابس عندما يكون طاقم العرض من الرجال".
يمكن ملاحظة أن بقية المشاركات في "أسبوع الموضة المحتشمة" يغيرن ملابسهن في غرفة مشتركة أمام أنظار الجميع، في حين تبنى في بعض عروض الأزياء غرفة منفصلة من جدران كرتونية عالية مطلية باللون الأسود خصيصا لحليمة لإخفائها عن أعين المتطفلين. تقول حليمة: "أنا مسلمة، ويجب أن أتذكر هذا خارج المنصة، لذلك، يبذل المصممون ومنظمو العروض كل ما بوسعهم كي يكون لدي غرفتي الصغيرة التي أشعر فيها بالراحة".
تعلق حليمة على ذلك: "بعض الفتيات لا يمانعن ذلك فقد اعتدن عليه حتى مع وجود غرف خاصة، فإن العديد من العارضات يفضلن أن يكن معا شخصيا لا أستطيع ارتداء الملابس في الأماكن العامة، لذلك أحتاج إلى غرفة منفصلة. لا أطلب الكثير. إن لم يناسب ذلك أحد المصممين فأنا جاهزة دائما للمغادرة".
"اعتقدت أمي أني سأمشي نصف عارية"
لا تزال والدة حليمة تعتقد أن العمل كعارضة أزياء يتعارض مع الإيمان، لكن حليمة تقول: "تعرف أمي أن بإمكانها الوثوق بي. لقد ربتني على نحو صحيح، لذا فهي إلى جانبي على أية حال. هي تدرك أيضا أنه إن لم يكن الأمر مناسبا لي، فلن أرضاه، سأقول لا ببساطة".
"في أوساطنا لم يسمع أحد عن واحدة منا عملت في مجال عرض الأزياء، لذا اعتقد كثيرون، بمن فيهم والدتي، أنني سأقوم بالتصوير وأنا نصف عارية. لكن الجميع الآن سعيد بنجاحي".
لكن والدة حليمة لم تحضر على الإطلاق أيا من عروض الأزياء التي شاركت بها ابنتها. تعلق حليمة على ذلك: "أمي لا تفهم اتجاهات الموضة ولا ألومها على ذلك. فبالنسبة لها الملابس شيء يمكنك رميه على نفسك ونسيان أمره".
وتضيف: "جل ما تتمناه لي هو التحصيل العلمي وتكوين عائلة وأن تكون حياتي بسيطة وعادية".
وتقول: "في أي بلد في العالم، لا ينبغي لأي امرأة ارتداء الحجاب دون رغبتها بذلك، ولا ينبغي لأي امرأة خلعه تحت الإكراه".
"أود أن أرى أمي حاضرة في عروضي".
اضافةتعليق
التعليقات