يشهد العالم تغير مناخيا أثر بشكل ملحوظ على قطاع الزراعة، ما زاد المخاوف من تأثر الكثير من المحاصيل المعروفة والمحببة لدينا بهذا التغيير.
في مصر، زادت المخاوف من تأثيرات التغير المناخي على الزراعة خاصة في فصل الصيف، حيث تنتشر في الأسواق أصناف من الفواكه الشهيرة والمنتظرة لدى قطاعات واسعة من المواطنين أبرزها المانغو.
من جانبه أوضح شاكر أبو المعاطي، أستاذ المناخ بمركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة المصرية، أن التغير المناخي سبب أضرارا على مختلف المحاصيل الزراعية، خاصة المانغو والزيتون، لكنه لفت إلى أن تفاعل وزارة الزراعة مع المزارعين وإرسالها التوصيات بصفة مستمرة ساهم إلى حد كبير في تقليل هذه الأضرار.
وأضاف أبو المعاطي لسكاي نيوز عربية أبرز التغيرات المناخية التي حدث في مصر وأثرت على المحاصيل:
التغير المناخي لا يشمل عنصرا واحدا وإنما مجموعة عناصر متكاملة، وفي هذا العام حدث تذبذب شديد في المناخ بمصر، ما جعل الفصول تتداخل بشكل غير طبيعي، وفي مثل هذه الحالات، يتأثر الإنسان فسيولوجيا وكذلك النبات.
نحن في جو متقلب، ففي الوقت الحالي يعتبر فصل الربيع، ويفترض أن يكون الجو في قمة الاعتدال، لكننا نجد درجة الحرارة تصل إلى 43 درجة مئوية نهارا ثم تنخفض إلى العشرينات ليلا، وهو ما يؤثر على النبات.
من المعروف أن شهور ديسمبر و يناير وفبراير هي التي تهطل فيها الأمطار، لكن ما يحدث أن فصل الشتاء قد امتد حتى تداخل مع فصل الربيع، ثم تداخل فصل الصيف مع فصل الخريف، وأصبح الجو كأنه صيف بالنهار ثم شتاء بالليل، وهذه الاختلافات من حرارة، ورطوبة، وأمطار انعكست على النباتات والمحاصيل.
رياح الخماسين على سبيل المثال قد مر موعدها، لكن هبوب رياح شديدة أو عواصف محملة بالأتربة في هذا الوقت أمر غير طبيعي، كذلك هطول الأمطار في الربيع وهو ما تكرر في الخريف، ولا نعلم إن كانت ستهطل في فصل الصيف أم لا.
التغير المناخي بصفة عامة أثر على المحاصيل كافة، ومنها المانغو ولا نستطيع تقدير الخسائر والإضرار في الوقت الحالي، أو الأضرار الناجمة عن العاصفة الترابية الأخيرة.
عملية رصد تأثيرات التغير المناخي لا تزال جارية، والمتخصصون في الرصد بمديريات الزراعة أو معهد البساتين لا يزالون يقومون بعمليات الرصد وقياس حجم الضرر في كل صنف.
هناك أصناف مختلفة ومتفاوتة في التأثير، فالأصناف المحلية تختلف عن تلك المستوردة، وكل صنف له نسبة تأثير معينة وقعت عليه، ويمكن فهم نسبة الضرر التي حدثت بشكل أوضح بنهاية الموسم.
تداعيات التغير المناخي أثرت بشكل ملحوظ على محصولي المانجو والزيتون في السنوات الأخيرة.
محصول المانجو لم يتأخر عن موعده الطبيعي، فأصناف المانجو متنوعة وتظهر في أوقات متفاوتة من أواخر شهر يونيو، وأوائل شهر يوليو، حتى أوائل شهر أكتوبر ونوفمبر.
من الطبيعي أن يحدث ما يعرف بــ"النفض" في الشجر، أي عندما يكون على الحامل الزهري 5 أو 6 ثمار ويسقط منها 2 أو 3 وهو أمر طبيعي، أما عندما تهب رياح شديدة تسبب سقوط كل الثمار فهذا أمر غير طبيعي، ويحدث نتيجة لعوامل المناخ.
وقدم شاكر عدة توصيات للمزارعين لاحتواء التغير المناخي أبرزها:
ضرورة إنشاء سور حول المزارع وسياج من الأشجار لوقاية المحاصيل من أضرار الحرارة، والرياح السريعة التي تسبب تساقط الثمار والأزهار.
الري الجيد والتسميد وتقريب فترات الري وإمداد الأشجار بالغذاء الكافي الذي يمكنها من تخزين داخلها ما يجعلها تتحمل الصدمات.
رش الأشجار للتخلص من العناكب التي تنتشر عليها بعد هبوب الرياح المحملة بالأتربة.
هبوب الرياح يسبب احتكاكات بين الثمار والفروع ما ينتج عنه جروح ميكانيكية تستوجب من المزارع الرش الوقائي لحماية المحصول من الأمراض الفطرية الرمية أو البكتيرية، لتقليل الأضرار على المحاصيل.
عند تساقط الثمار مع قرب نضوجها يمكن استخدام عملية الكمر، وهي تغطية الثمار بقش الأرز أو أي غطاء لرفع درجة حرارتها، مما يجعلها تصل لمرحلة النضج الفسيولوجي، وهو ما يستخدم مثلا مع الطماطم الخضراء حتى تتحول إلى اللون الأحمر.
ليست كل الأصناف تصلح معها عملية الكمر، ففي محافظات الوجه البحري مثل الإسماعيلية أو البحيرة الثمار التي تساقطت بفعل الرياح وهي صغيرة غير ناضجة، فلا تصلح معها عملية الكمر، ولكن يمكن تخليلها، وإن كانت سياسة التخليل غير منتشرة بشكل كاف في مصر في الوقت الراهن. حسب سكاي نيوز
هل يمكن أن تقدم الفطريات حلًا "مدهشا" لتغير المناخ؟
رغم تأكيد الكثير من الدراسات على مدى أهمية وفوائد الفطريات في مجالات عديدة، لكن دراسة جديدة ألقت الضوء على دور شديد الأهمية قد تلعبه الفطريات ويمثل حلاً رئيسياً لمشكلة التغير المناخي.. فكيف ذلك؟
مع ارتفاع نسب انبعاثات الكربون المسببة لارتفاع درجة حرارة الكوكب، يبدو أن هناك حل رئيسي لتغير المناخ يكمن تحت أقدامنا.
وجدت دراسة نشرت قبل أيام في مجلة "Current Biology" أن الفطريات تلتهم أكثر من ثلث الانبعاثات السنوية الناتجة عن الوقود الأحفوري في العالم.
مخزن للكربون تحت سطح الأرض
وعلى هذا النحو، فإن الفطريات قد تمثل أملاً في عمليات حفظ واستعادة الكربون من الجو، كما قالت المؤلفة المشاركة كاتي فيلد، أستاذة علم الأحياء في جامعة شيفيلد، في بيان صحفي. وأضافت فيلد: "الأرقام التي اكتشفناها في هذا الصدد مذهلة"، بحسب ما نشر موقع "ذا هيل" الأمريكي.
وجد فريق الباحثين أن الفطريات قللت بنحو 36 في المائة من انبعاثات الوقود الأحفوري العالمية - وهو ما يكفي لإلغاء التلوث الكربوني السنوي الذي ينتج من الصين - أكبر مصدر لانبعاثات الكربون في العالم. وتتفوق الصين على أقرب منافسيها في تلويث البيئة وهي الولايات المتحدة بمقدار الضعفين.
والفطريات هي مملكة بيولوجية واسعة تنتج الفطر وهي الأجسام المثمرة لكائنات أكبر بكثير تنتشر تحت سطح الأرض.
وفي حين أن الفطريات تشبه النباتات بشكل سطحي لأنها تتحرك ببطء شديد، إلا أن الفطريات تشبه إلى حد كبير الحيوانات والتي تشترك معها في الحاجة إلى العثور على الطعام واستخدام المواد الكيميائية في عملية التمثيل الغذائي، بدلاً من القيام بتصنيع العناصر الغذائية من ضوء الشمس وثاني أكسيد الكربون.
علاقة تكافلية
ومن المعروف أن بعض الفطريات تنمو حول الأطراف الجذرية للنباتات، وتشكل علاقة تكافلية معها كأحد أقدم أسس الحياة على الأرض. ومنذ ما يقرب من نصف مليار عام، وفرت هذه "الفطريات الجذرية mycorrhizal fungi" للنباتات، المغذيات المعدنية مثل الفوسفور مقابل السكريات التي تقوم النباتات بإنتاجها.
ونظرًا لأن هذه النباتات تصنع هذا السكر من ثاني أكسيد الكربون من الهواء، فهذا يعني أن الفطريات هي في الواقع "بنك الكربون" المتنامي تحت الأرض.
الجدير بالذكر أن بعض هذه الفطريات قد ينمو لأحجام كبيرة للغاية، فأحد الفطريات العملاقة الشهيرة في شبه جزيرة ميشيغان يمتد على مساحة 37 هكتارًا، أو 91 فدانًا.
ووجدت الدراسة أن النباتات في العالم تضخ ما يقدر بنحو 13 جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون في الفطريات الجوفية كل عام.
ولكن على الرغم من أهميتها، فإن هذه "الشبكات الفطرية الجوفية" معرضة باستمرار للنشاط البشري من خلال العديد من الطرق التي يتفاعل بها المجتمع البشري مع الحياة تحت سطح الأرض كالزراعة والتعدين والصناعة. ويقول العلماء إن هذا التدخل يتسبب في خسائر فادحة.
تنمو الفطريات مشكلة علاقات تكافلية مع العديد من النباتات الخشبية وخصوصاً في الغابات
تمتد الفطريات الى ما تحت طبقة التربة الزراعية مكونة شبكات واسعة على أطراف جذور النباتات في علاقة تكافلية بينهما
الأمم المتحدة تحذر
كانت الأمم المتحدة قد حذرت العام الماضي من أن 90 في المائة من التربة السطحية للأرض - وهي الطبقة الرقيقة التي تنمو منها المحاصيل والغابات في العالم - قد تكون معرضة للخطر بحلول عام 2050.
وفي حين أن التأثيرات الغذائية لمثل هذا التدهور واضحة، فإن تأثيرات المناخ شديدة أيضًا، كما وجد الفريق البحثي، إذ تقول المؤلفة الرئيسية للدراسة هايدي هوكينز من جامعة كيب تاون، إن هذه الكمية الكبيرة من الكربون الموجودة في الفطر غالبًا ما يتم "تجاهلها" لصالح جهود حماية أخرى تبدو نتائجها أكثر وضوحًا مثل حماية الغابات.
وحذرت هوكينز من أن هناك الكثير من التفاصيل حول هذه العملية لا تزال غير واضحة، "خاصة وأننا ما زلنا لا نعرف مدى استقرار الكربون المخزن في الفطر سواء وهي حية أو بعد موتها"، إذ قد تتفكك بعض جزيئات الكربون لتتحد في شكل صلب وتتحول إلى معادن في التربة، كما قد يكون بعضها مرتبطًا بأجسام نباتات جديدة. أيضاً يمكن أن يفقد جزء من هذا الكربون المخزن في الفطريات مرة أخرى في الغلاف الجوي - لأن الفطريات، مثل الحيوانات، تطلق ثاني أكسيد الكربون كمخلفات ناتجة عن التنفس.
وأضافت هوكينز: "عندما نعطل أنظمة دعم الحياة القديمة في التربة، فإننا نخرّب جهودنا للحد من الاحتباس الحراري ونقوض النظم البيئية التي نعتمد عليها"، مختتمة حديثها بالقول إنه "في حين أننا نعرف هذه الشبكات من الفطريات ضرورية للتنوع البيولوجي، إلا أننا أصبح لدينا الآن المزيد من الأدلة على أنها ضرورية لصحة كوكبنا". حسب dw
اضافةتعليق
التعليقات