من الجميل أن يستفيد المرء من كلِّ ما حوله آخذاً العِبر من صغائر الأمور إلى أكبرها، ومن الرائع أن نستلهم من بحر لغتنا العربية قبسا نُنير به فكرا، ومن خلال استقرائي للضمائر وجدتُ فكرة لم أنتبه لها سابقا ألا وهو وجود المثنى الفاصل بين المفرد والجمع والذي أرادت به اللغة أن تشير الى أن الاثنين لا يمثلان الجماعة وكذلك هما أكثر من الواحد وهذه التقنية اللغوية غير موجودة في أغلب اللغات _وقد كلها_ ومن ذلك نستشف بأن اللغة لم تظلم الجماعة بتصرف الاثنين وكذلك الاثنان لم يظلما بفعل المفرد، وهذا من أهم الدروس التي من الضروري العمل على ترسيخها بالفكر وتطبيقها بالعمل.
فمن البديهي ان المريض هو الذي يأخذ الدواء لا أحد أخوانه بالنيابة عنه وكذلك أن يُحكم على السارق وحده سواء ذلك كان بحكم القانون أو الدين، وهذا دليل عقلي منطقي، ومن الأدلة النقلية التي أذكرها اثباتا لذلك هو ماحدث مع نبي الله يوسف حين وضع صواعه في رحل أخية وعندما تطوع الاخ الكبر أن يُؤخذ بدل أخيه رفض ذلك معبرا عنه في القران الكريم عن لسان يوسف
(قالَ معاذَ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عندهُ إنا إذا ظالمون) يوسف 79، إتهم من يأخذ شخصا مكان آخر ظالم، ومن يطلق ويعمم تصرف شخص واحد على كل من يعملون في مجاله أو مختصون ماذا يمكن ان يطلق عليه!.
تقافة التعميم من أكثر الثقافات رواجا وسيطرة على العقل البشري قد لا يعترف فيها حقيقة ويقتنع أيضا بأنه لا يمكن ان يُحاسب هو بتصرف غيره لكن ما إن تبتعد التهم عن ساحته يرمي بها أول من يقف أمامه، وهذه الثقافة الخاطئة تستشري في ميدان اي شعب من الشعوب ومتى ما كف عن أتهام مجموعة بتصرف فرد سما في فكره وحدد من يمكن معاقبته في ذلك.
ومن الصور التي نراها حاضرة الان كدليل واقعي من مجتمعنا هو عندما تأتي سيرة الأطباء لابد من أن هناك شخص أو أكثر سيقول: ( كلهم حرامية) شمل بذلك الجيد والسيء بفعل مجموعة من الاشخاص الذين يمثلون هذه الفئة وكذلك من أرض الواقع والذي يحصل الان من شتم من يمثلون الدين بإرتداء العمائم وشملهم بانهم سراق أو معقدين وغيرها من التهم التي تسبب بنشرها شخصين او مجموعة من الاشخاص الذين لا يمثلون سوى ذواتهم.
وفي هذه الحالات الكثير يستشعر هذه الظلامة التي تشمل الانسان الجيد من الفئتين المذكورتين أو غيرهما وواقعا لو كنا ندرج تحت تلك المسميات ونالنا بعض من الاتمام ونحن براء منه سندافع وننزعج اذا لماذا نحن مباح لنا تقديم الاتهام!.
فضلا عن الظلامة إن ذلك الحكم العام يفقد الثقة في الاشخاص المندرجين تحت خط الاتهام ويفقدهم عزيمة تقديم الافضل بسبب ما اشتهر عنهم ويتكاسلوا عن مهامهم.
فلا بد من معالجة هذا العوق الفكري وإحلال محلة ثقافة جيدة تخدم المنطق العقلي فكل من يعمل يتحمل عواقبه وهذا منطق العدل الالهي (فمن يعمل مثال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذره شرّا يره).
اضافةتعليق
التعليقات