ينمو الإنسان عاطفيا واجتماعيا وفق ما يعيشه ويتعايش معه ويتخيله، وأمور وأشياء كثيرة تؤثر على التفكير وتنعكس على السلوك وهي نتاج العمر والسنين التي قضاها بالإنجاز والتسويف والفشل والنجاح.
أحيانا نصدق وتخطر على بالنا أمورٌ كثيرةٌ تؤثر علينا ونحكم عليها قبل حتى تجربتها، وتكون محل إقناع قبل أن نخبرها بشكل مباشر وملموس، فنقع في خطأ اعتبارها من المسلمات دون أن نشعر.
فمن الخطأ أن نرى أمورا ونفسر أشياء دون برهان ونعتبرها من المسلمات، وقبل الخوض بالتفاصيل علينا أولا أن نعطي موجزا بسيطا لمفهوم المسلمات، بحسب أهل العلم والباحثين ولكن علينا المرور على مفهوم البديهيات لارتباطه بالمسلمات.
إن كل الأشياء الواضحة التي لا تحتاج الى برهان أو اثبات تعتبر بديهية الصحة وفق النظام الشكلي المتكون من نهج أو قواعد أو قوانين الذي يتشكل بناءا عليها، فهي مبدأ البرهان ولا تحتاج إلى برهان ولا تكتسب من جهة غير العقل وهي تحتاج إلى (حدس، تجربة، مشاهدة أو حسيات، فطرة، أوليات، المتواتر)، في الرياضيات الحديثة تُشير البديهيات غير المنطقية أحيانًا على كونها (مسلمات)، وهذه المسلمات قد يكون إدراكها بالعقل، وقد يكون بالحس، وقد يكون بهما معا. وهي تتشكل وتستقر من خلال التجارب المتكررة والممارسات المستمرة والعادات، كذلك المسلمات لا تدخل فيها الأحكام الذاتية الناشئة عن المشاعر والأحاسيس، التي تتفاوت وتختلف بين الناس، بحسب أحوالهم وأذواقهم وطبائعهم.
ومن هنا نقول أننا كما نفكر نكون، وهذه الأفكار بعضها ننساها أو نغيرها، ما يبقى ويؤثر فعلا هي المسلمات التي نضعها ولا نريد تغييرها أو نفكر حتى في السماح في مناقشتها واثبات الغير لنا أنها غير صحيحة، ونكون بهذا قد صنعنا جدارا صلدا بيننا وبين التفكير الحر المنطقي الذي يوصلنا إلى أحلامنا وإلى حياة اكثر استقرارا وعطاءا دون أن نعلم.
علينا أن نفتش في مستودع أفكارنا ماهي الأمور والمعتقدات المخزونة منذ سنوات دون أن نحاول تفكيكها والبحث عن منطقيتها أو نسمح بمناقشتها مع الآخرين، وعلينا أن نعلم أننا حين نضع للفكرة ثوابت وبراهين واهية تكونت من تصورات في الذهن من مشاعر وأحاسيس سوف تتحول إلى مسلمات، مثلا نقول (الأقارب عقارب أو اعمل خيرا تحصد شرا أو الانسان غير المحظوظ أولاده غير محظوظين أو ابن الغني غني وابن الفقير فقير)، وغيرها من الأمور التي تثبط الهمم وتبعد الانسان عن الكفاح والأمل والاجتهاد وتنمية أفكارنا لحياة راضية، وهي مجموعة كبيرة من الأقاويل والمعتقدات التي تمنع النجاح والأرزاق فيكون صاحبها مدحورا ومتحسرا يتهم القدر وربما يتهم حتى ربه وحاشى الله من هذه الصفة.
هذه التعابير أو الأقوال يجب أن نفهم أنها تناسب بالضبط من عاش تجربتها، وأن أفكارنا من صنعنا ونحن نستطيع ترشيح وتصفية ما هو ثمين ومفيد واخراج ما هو مضر وغير نافع ويهدد قدرتنا على الحياة الناجحة والمريحة.
اضافةتعليق
التعليقات