للإنسان علاقة وطيدة مع الحياة، كذلك الحاضر مع المستقبل، فإذا أراد الانسان أنَّ يُعانق المستقبل ويستشف آفاقه فعليه أن يبدأ بالحياة وعليه أن يبدأ مسيرة المستقبل من نقطة سحيقة في الماضي، فالماضي هو الاساس في بناء المجتمع الانساني لما يحملُ من قيم وتجارب وتراث وتاريخ ..
وكتاب المناقشة للشهر الحالي (فقه المستقبل) لمؤلفه للامام الشيرازي الراحل (قدس سره). ذُكرت فيه مباحث تتعلق بمستقبل الإنسان القريب والبعيد ومستقبل البشرية في عهد ظهور الامام الحجة المُنتظر (عجل الله فرجهُ الشريف) ومستقبل الانسان في القيامة مع جملة من المباحث الاخرى ..
ويحتوى الكتاب على بابين حيث يضم الباب الأول فصلين بعنوان:
١- خطوات على الطريق
٢- المنهجية في الدراسة
فتضَّمن الفصل الأول خطوات على طريق النهوض بمستقبل الإنسانية جمعاء، وقد حمَّل الإمام الشيرازي (قدس سره) المثقف مسؤولية الريادة المستقبلية، ووضع عدة تصورات لذلك النهوض مُنطلقاً من إزالة أهم العوائق التي تعترض سبيله وعلى المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وقد ركز (قدس سره) على محورية الإنسان، ذاكراً أنه يجب أن يُجعل الإنسان هو المحور مُشيراً الى إنهُ سيكون الإنسان مستقبلاً هو المحور الرئيسي في الكون ..
وستصبح مسألة حقوق الإنسان من أهم القضايا في الكرة الأرضية..
كما ركَّز بشكل خاص على حقوق المرأة حين ذكر أنه: يلزم الاهتمام بشؤون المرأة ومنحها حقها الواجب وحريتها المشروعة وسيكون المستقبل لصالح المرأة من جهة إعطاء حقوقها ومساواتها مع الرجل فيما ساواها الله تعالى بـ الأمور الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، مؤكداً على أن المساواة بين الرجل والمرأة هي الأصل في الشريعة الإسلامية وبما أن المستقبل سيكون لصالحها فعلى المرأة أن تتحمل أعباء المسؤولية الاجتماعية جنباً إلى جنب الرجل، بيد أن المطالبة بحقوق المرأة يجب أن لا يُستغل استغلالاً سيئاً باطلاً لإخراجها من كيانها كأمرأة وجعلها كأنها رجل، مؤكداً في هذا المجال: إنَّ المستقبل سيضمن حقوق الإنسان بالمعنى الكامل والشامل لـ الصغير والكبير، الرجل والمرأة، الضعيف والقوي، وذلك عند حصول الوعي والقضاء على بواعث الظلم والطغيان ..
كما ركَّز (قدس سره) على نبذ العُنف مؤكداً أن العُنف ليس من صفة الإنسان بل هو من صفات الوحوش الكاسرة وأنه عادةً ما يأتي مرافقاً لـ الظُلم، مُشدداً في الوقت ذاته على التعايش السلمي وأن "الناس إِمّا أَخٌ لَكَ في الدين، أَو نَظيرٌ لَكَ في الخَلق"، وعلى إختفاء النعرات حيثُ لا مكان للنعرات القومية والعرقية وما أشبه في الإسلام، وإننا سنرى عالم المستقبل قد إبتنى على أن التمايز فيه على أساس الكفاءة والفضيلة والتقوى كما قالَ تَعالى في كتابه العزيز: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)، وسوف لا تكون للعرقية والقومية قيمة في المستقبل لأنها لا تقوم على الفطرة السليمة ولا يقُرها العقل مُضيفاً أن: عصر المستقبل هو عصر العلم والإيمان والواقعيات التي تُميز الإنسان على أساس علمه وكفاءته وأخلاقه..
أما الفصل الثاني الذي جاء تحت عنوان: المنهجية في الدراسة فقد تطَّرق فيه إلى مراكز أبحاث الدراسات المستقبلية في مختلف أرجاء العالم وإلى كيفية التنبُؤ بالمستقبل..
وجاء الباب الثاني مُوزعاً بين فصول ثلاثة لأزمنة مستقبلية ثلاثة أولها هو: المستقبل المنظور الذي خصَّصه المؤلف للمستقبل في ضوء الواقع المعاصر ومُنطلقاً من أسباب تخلَّف العالم الإسلامي مُنتقداً ضمناً أولئك المُتكئين على عصر الظهور كمستقبل وحيد دون العمل على النهوض بحاضرهم تمهيداً لمستقبل أفضل يُمهد لعصر الظهور وهو ما يُعرف بـ (الانتظار السلبي) بينما جاء ثانيها بعنوان: المُستقبل غير المنظور الذي يتحدث عن مستقبل الإنسانية في عصر الظهور بمجمل سمات الحياة فيه.
وثالثها بعنوان: المستقبل الأخروي الذي يتناول مستقبل الإنسان بعد الموت صعوداً إلى يوم الحساب وما يترتب عليه، ويبدو أنه إنطلق في ذلك من ما ورد عن الإِمام الحَسَن المُجتَبى (عليه السلام) في قوله: (اعمَل لِدُنياكَ كَأَنَّكَ تَعيشُ أَبَدا وإعمَل لِآخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَموتُ غَدا).
ويمكُن القول إن الرابط بين الأبعاد الزمنية الثلاثة (الماضي والحاضر والمستقبل) لا إنفصام له، فالماضي كجذور شجرة حاضر قِوامها بإنتظار قطاف ثمارها مستقبلاً، والمستقبل يبقى الأهم كون عجلة الزمان تسير إليه، وهو لا يأتي بدون حاضر فسيغدو ماضيا.
ثم أشار الى إن العقلية المستقبلية هي تلك التي تنظر إلى الماضي للاستفادة من تجاربه، وتُعزز الحاضر انطلاقا لمستقبل أفضل، فمن تساوى يوماه فهو مغبون ولا يمكن لمن يسير إلى الأمام أن يبقى مُلتفتاً إلى الخلف ينظر وراءه والماضيَّن لا يصنعون المستقبل.
ثم وضَّع عدة تصورات لذلك النهوض مُنطلقاً من ازالة اهم العوائق من الظُلم والطُغيان..
وجدير بالذكر ان نادي اصدقاء الكتاب اسسته جمعية المودة والازدهار والذي يهدف الى تشجيع القراءة والمطالعة عبر غرس حب الكتاب وفائدته في المجتمع.
اضافةتعليق
التعليقات