قال الإمام علي عليه السلام: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا".
يطرح الإمام علي عليه السلام قاعدة جميلة للنجاح في الدنيا والآخرة، قوام هذه القاعدة هي التوازن بين الدنيا والدين، بين الأمل والموت، بحيث لايسيطر حب الدنيا وطول الأمل في البقاء فيها على حقيقة الرحيل عنها والانتقال للدار الآخرة، ومن جهة أخرى لاينزوي الإنسان بسبب اليأس من هذه الحياة والانكفاء عن ملذاتها والميل نحو حالة من الترهبن السلبي الذي لايرى في هذه الدنيا سوى الطقوس العبادية فقط.
هذه القاعدة التي يطرحها الإمام علي عليه السلام تنسف أي رأي يستهدف حث الناس عن الزهد عما أحله الله من طيباته ورزقه، وهذا الفهم يؤكده الله عز وجل في كتابه الكريم بقوله: {قُل مَن حرَّمَ زينةَ اللهِ التي أخرجَ لعباده والطيبات من الرزق} ويقول في آية أخرى: {هو الذي جعلَ لكُمُ الأرض ذلولاً فامشُوا في مناكبها وكُلُوا من رزقهِ وإليه النشور}، ويقول في آية أخرى مخاطباً نبيه الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم {ولا تنسَ نصيبك من الدنيا}.
إذن ليس المطلوب هو العزوف عن الدنيا بل المطلوب السعي فيها وعمارتها والتلذذ بما أحله الله، المحذور في الموضوع هو طول الأمل والانغماس في طلب الدنيا ونسيان الآخرة، والمحذور هو طلب الدنيا بالحرام وبما نهى الله عنه وإلا فإن الإمام علي عليه السلام يدعو للعمل في هذه الدنيا بالأمل الذي لا غنى لأي إنسان عنه، والذي من دونه لايمكن لأي فرد أن ينطلق في هذه الدنيا بدافعية ونشاط إذا كان كل همه الموت والآخرة.
ناهيك أن الله قد جعل كل الأعمال التي هي محل رضا الله مثل طلب العلم والسعي لطلب الرزق والكد على العيال عبادة يستحق المؤمن الثواب الجزيل عليها، كما أنه نهى عن الترهبن والاعتماد على الآخرين في الرزق ومؤونة الحياة.
الخلاصة: في حركتك نحو الدنيا لاتنس دينك وآخرتك، وفي حركتك نحو الآخرة لاتنس نصيبك من الدنيا والاستمتاع بخيراتها ونعم الله التي أسبغها عليك.
اضافةتعليق
التعليقات